آداب و ثقافة

بعد إغلاقه 10 سنوات.. عودة متحف محمد محمود خليل للحياة

سمانيوز / متابعات

في صيف عام 2010، قررت الحكومة المصرية إغلاق متحف محمد محمود خليل، بعد سرقة لوحة زهرة الخشخاش للفنان الهولندي فان جوخ، وبعد مرور أكثر من 10 سنوات، أعادت وزارة الثقافة المتحف للحياة، الأحد، بعدما خضع لعملية تجديد شاملة. 
وشغلت حادثة سرقة لوحة “زهرة الخشخاش” الرأي العام حينها، وأثارت غضب المهتمين بسبب رداءة المنظومة الأمنية التي سمحت بسرقة اللوحة الشهيرة التي لم تُعد حتى الآن، وانتهت بصدور حكم بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ لمسؤول مصري وحبس 4 آخرين 6 أشهر لكل منهم.

وخضع المتحف في ثوبه الجديد، لعملية تجديد شملت المعالجات الإنشائية للمبنى، ومنظومة الكهرباء والتكييف، والمنظومة الأمنية وتحديث سيناريو وقاعات العرض المتحفي.

تاريخ محمود خليل

ومحمد محمود خليل باشا (1877- 1953)، سياسي مصري شغل مناصب عدّة أبرزها وزير الزراعة عام 1939، ورئيس مجلس الشيوخ عام 1939.
ويعد خليل أحد أهم رعاة الفن في مصر، إذ شارك الأمير يوسف كمال عام 1924 في تأسيس جمعية الفنون الجميلة، وتولى رئاستها عام 1925، غير أن اسم “خليل” تخلّد بسبب شغفه الشديد بالفن واقتناء أعمال من قاعات عالمية لفنانين لمعت أسماؤهم في سماء الحركة التشكيلية الأوروبية، ومهدت أعمالهم للاتجاهات الفنية في القرن العشرين.

ويضم المتحف أعمال فناني التيارات التأثيرية مثل النحات العالمى أوغست رودان، والتعبيرية مثل أعمال الفنان ديغا، والرسومات الواقعية للفنان العالمي ميليه.
وبدأ اهتمام محمود خليل بالفن أثناء دراسته للقانون فى فرنسا عام 1897، بعد لقائه بزوجته ورفيقة دربه إميلين هيكتور هناك، والتي كانت تدرس الموسيقى، وتعشق الفن.

وتأثر خليل، بهواية زوجته في جمع التحف الفنية، وكانت سبباً في ظهور لافت للمجموعة الفرنسية بين مقتنيات المتحف؛ إذ تضم لوحات وتماثيل عشرات الفنانين الذين غيّروا اتجاهات الفن فى أوروبا، مثل رينوار، ومونيه، ومانيه، وفونتان، وغوستاف مورو، وهنرى بلاتور، وكوربيه، وغيرهم. 
ولفتت أعمال فناني الشرق أيضاً اهتمام “خليل”، فاقتنى مجموعات من الفازات النادرة من الصين واليابان، وقطع السجاد وقنينات التبغ والنشوق الإيرانية والتركية.

مكانة عالمية

وتعليقاً على إعادة افتتاح المتحف، قال الفنان التشكيلي المصري، عمر الفيومي”: “من المفترض أن يتمتع المتحف بمكانة عالمية وليس محلية فقط، ويجب أن يكون محطة في طريق كل محبي الفنون حول العالم”.
وأضاف: “المتحف يضم مجموعة لأحد أهم المقتنين المصريين، واستطاع بسبب شغفه بالفن أن يقتني مجموعة شديدة الأهمية والثراء من فناني الشرق والغرب فى القرن التاسع عشر، وأهدى قصره ومجموعته التى لا تقدر بثمن لبلده مصر”.

سرقتان ولوحة واحدة

مرّت مجموعة محمود خليل وحرمه برحلة شاقة حتى استقرت في مكانها الطبيعي حالياً، فبعد افتتاح المتحف عام 1962، تم إخلاؤه بعدها بـ10 سنوات لينضم القصر إلى مسكن الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وتُنقل الأعمال الفنية إلى قصر الأمير عمرو إبراهيم عام 1971، ولم يتح للجمهور مشاهدة المجموعة بمقرها الجديد بالزمالك إلّا عام 1979.
وذاع صيت مجموعة محمود خليل الفنية، بعد حادث سرقة لوحة “زهرة الخشخاش” للفنان الهولندى فان جوخ للمرّة الأولى عام 1978، وعادت اللوحة للمتحف بفترة قليلة بطريقة غامضة، إلا أنها اختفت ثانية في عام 2010، وأغلق المتحف بسبب هذه الواقعة.

خارطة متاحف العالم

ويأمل متخصصون ومهتمون أن تشمل عملية التطوير الأخيرة خطة واضحة لوضع المتحف في مصاف المتاحف العالمية للفن الحديث.
أستاذ المتاحف بكلية الآثار في جامعة القاهرة، أحمد عبد العزيز، قال لـ”الشرق”، إن “أهم سمات متحف محمود خليل هي قدرته على ضم أعمال تحمل جزءاً من تطور الفنانين، إما في بداياتهم أو في ذروة إبداعهم”.
وتابع: “هذه الأعمال تقف عند نقطة حاسمة في تاريخ أصحابها، وهي ليست بالضرورة الأغلى أو الأشهر بين أعمال مبدعيها لكنّها الأكثر تأثيراً في أساليبهم الفنيّة وفي تاريخ الحركة الفنية ككل”.

وأضاف عبد العزيز الذي شغل عضوية لجنة إعادة تأريخ متحف الفن الحديث: “المتحف يحتاج إلى برنامج متكامل، لا يقف عند حد عرض اللوحات بشكل لائق، وسط بيئة آمنة، إنما أيضاً آراء نقدية وندوات لتقييم الأعمال، بل وبورصة فنية تعطى لهذه الأعمال قيمتها السوقية، بدلاً من نظام القيمة الدفترية القديم ولا يزال معمولاً به في وزارة الثقافة حتى الآن”.
ووجه عبد العزيز دعوة إلى أوساط محبي للفن، للبحث عن كيفية وضع متحف محمد محمود خليل وحرمه بين أمثاله من المتاحف أوروبا والعالم الغنيّة والمهمة، وربط كل لوحة بمثيلاتها في المجموعات العالمية من خلال شاشة عرض صغيرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى