آداب و ثقافة

«درب النور» نثر : آلاء محمود الدكر

سمانيوز/خاص

حتى وإن تجاوزت كل ما يؤلمني، لم أعد كما كنت، شيء ما اندثر مني ونزح بعيدًا، ولا قوةٍ لي بإرجاعه، اختلاق التعايش بما هو متاح مرهقًا جدا، بالأخص لشخصية عنيدة كما أنا، أستهلك طاقة جمة لفعل ذلك، فابتسم كذبًا، نعم كذبًا فأنا مؤمنة أن المجاملات الزائفة نوعٌ من النفاق الاجتماعي، وأتجمل بالهدوء قهرًا، وأقوم بواجباتي الاجتماعية عنوة، وادخر صبرًا وصبرًا وصبرا، فلعل في الأفق الفرج.

مأزق الحياة لازال مستمرًا رغم سخافة الواقع، أقف في المنتصف المميت، أقاوم الأشياء وضدها، التنصل من أي شيء غير مطروح في خطة الصمت المتغلغلة في أعماق النفس، أقاوم الشتات حتى لا أسقط طريحة اليأس.

يلوح من البعيد شعاع من النور، يبدو خافتًا، يتوهج ثم يختفي، ثم يعود للبزوغ ثانية، أحاول أن أقترب، أن أمد ذراعاي، لتُمسك الشعاع أناملي، أتحسس ببطء حقيقته، فأنا منذ زمن في ظلامٍ دامس، أقترب أكثر، أهرول نحوهِ بثبات، معلقةٍ عيناي صوبه، أخشى إن أرخيت جفني أن أُضيعه، الطريق وعرة، تطول فتقصُر، ثم تطول ثانية.

أسقط مراتٍ عدة، فأنفض غبار الظلام، وأتابع السير في درب النور مجددًا، أقاوم الوقوع، أصابني الوهن، أستند على عكازين صغيرين، يساعدانني على المسير، النور يقترب، والعتمة شيئًا فشيئًا تندثر، طاقة الضوء تسطع كلما اقتربت منها، تتوهج وتملأ أركان الظلام فينقشع، يتلألأ وجه أمي هناك، ما أحلاها، صافية، نقية، تمد ذراعيها الحانيتين فتمسكُ بي وتحتضنني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى