«ما عدتُ أقوى» قصة : دعاء علي
سمانيوز/خاص
حينها وجدت نفسي على قارعةِ الموت، انتظر من يكرمني بالدفن؛ لأنني أصبحتُ مستوفية لصفاتِ الموتى، قلبٌ لا يخفق، نظرات عين واقفة، جسد متجمد، أنفاس معدومة، ملامح باهتة، جثةٌ مهيئة للدفن !
لا أعلم ماالذي قادني لتلك الطريق وما الذي جعلني كذلك، ما أعلمه هو أنني أصبحتُ عاجزة، عاجزةً إلى الحد الذي يجعلني ألفظ أنفاسي الأخيرة، ما عدتُ أطيق العيش ولا أهوى أحد، تمكن مني شعور العجز وبقوة، وأرداني عليلة ما بين الحياة والموت، عجزت عن إنجاز أي شيء، عجزت عن تقديم العون لأي أحد، عجزت عن الكلام أيضًا.
وعندما كنتُ أُرهل حشرجات غير مفهومة وأتمتم؛ قارئة سورة الفاتحة على روحي مقدمًا، رأيت شيخًا كبير يجلس على كرسي متحرك، خاص بالمعاقين، نظر إليَّ وبادر بالسؤال : من أنتِ يا ابنتي، وماالذي تفعلينه هنا؟!
أجبته : أين أنا وما هذا المكان، وأين أجد المقبرة؟
رد عليَّ قائلًا : وهل تريدين زيارة قبر أحدهم؟
أجبته لا ولكني أريد قبرًا لي، أرتمي فيه وأخلص من هذا الشعور الذي دمرني كليًا.
حينها استخدم يداه ودفع كرسيه المتحرك نحوي ونظر إليَّ بنظرة الشفقة وقال : كم تبلغين من العمر يا ابنتي؟
أجبته وأنا عاجزة عن تحريك نظري نحوه حتى : أنا أبلغ من العمر مائة غُصة مقسومة على عشرين عَثرَة، مضروبة في ثمانِ خيبات، مطروح منها أحد عشرَ حُلمًا وسبع أمنيات وثلاثة أشياء أخرى، أنا وقلبي وروحي …
قال لي : لا بأس عليكِ يا ابنتي، أعلم أن شعور العجز ليس بهيّن، لكن هل لاحظتي أنني شيخ كبير؟!
وهل لاحظتي أيضًا أنني غير قادر على المشي ولا الوقوف حتى، ولكني لم أشعر بالعجزِ أبدًا، أنا على هذا الحال مُذ كان عمري خمس وعشرون عامًا ومع ذلك واصلت حياتي وتزوجت وعملت ولديَّ ثمانية أحفاد، لم أسمح للعجز أن يغزوني ولم أدعه يتمكن مني كما فعلتي.
بنيتي، عليكِ أن تحمدي الله ليلًا ونهارًا فأنتِ فتاة جميلة وقوية، وبكامل قواكِ العقلية والجسدية، الحياة ما تزال أمامكِ ولا تزالين في بداية الرحلة، عليكِ أن تكفي عن التفكير بسلبية، وأن تستعيني بالله، وهو سيرشدكِ للطريق الصحيح وستعلمين أنكِ قادرة على فعل الكثير، وقادرة على التغلب على شعور العجز الذي استحوذ على عقلكِ وفكرُك.