يونس والعزلة قصة: عبدالله محمد العمودي

سمانيوز/خاص
كان يونس مختلفا عن زملائه. لا يحب الأحاديث الطويلة، ولا يقضي وقته مع أحد. يفضّل الجلوس وحده، يتأمل أو يحدث نفسه. مرّت أيام وهو على هذا الحال، ثم أسابيع، حتى أصبحت سنة كاملة قضاها في عزلة تامة.
حاول والده أن ينصحه، ثم زميله مرتضى، ثم بقية زملائه، لكن دون فائدة. حتى أنا، حاولت التحدث معه، لكنه لم يكن يستجيب. كان يرى في العزلة راحة، ويظن أنها أفضل من مخالطة الناس.
استغرب الجميع من حاله. كان يمضي ساعات طويلة داخل غرفته، لا يتحدث مع أحد، ولا يشارك في أي نشاط. ورغم كل المحاولات لدمجه في الحياة الاجتماعية، ظل يونس كما هو، يرفض الخروج أو التغيير.
وفي أحد الأيام، جاءه صديقه أيمن وقال له: “نحن ذاهبون في رحلة، هل تود أن تأتي معنا؟”
ردّ يونس بتردد: “سأفكر في الأمر وأخبرك غدا.”
وفي اليوم التالي، فاجأ الجميع بقوله: “موافق. سأذهب معكم.”
انطلق مع أيمن في الرحلة. في البداية كان متحفظا، لا يتكلم كثيرًا، لكن مع مرور الوقت بدأ يشعر بالراحة، وشيئا فشيئا بدأ ينسجم.
قال له أيمن: “أرأيت؟ الحياة مع الآخرين جميلة.”
ابتسم يونس وقال: “معك حق. لقد كنت مخطئا. العزلة ليست كما كنت أظن. إنها طريق للوحدة، وربما للاكتئاب.”
ومنذ ذلك اليوم، قرر يونس أن يتغيّر. لم يكن التغيير سهلا، لكنه بدأ يحاول. بدأ يشارك في الأنشطة، يتحدث مع الآخرين، ويعيش حياته بطريقة مختلفة. لم يعد ذلك الشخص المنعزل، بل أصبح أكثر توازنا، وأكثر قربا ممن حوله.