أخبار دولية

توسع الناتو.. تشكيل خريطة أمنية جديدة لأوروبا بعد 75 عامًا

سمانيوز/وكالات

كشف وزير الخارجية البولندي، رادوسلاف سيكورسكي، عن أن وزراء خارجية “الناتو” بحثوا خلال اجتماعهم في بروكسل يوم 3 إبريل إرسال بعثة “غير عسكرية” إلى أوكرانيا. وقال في حديث إذاعي: “بحث الاجتماع أوكرانيا والاجتياح الروسي لها ومساعدتها من قبل الدول الأعضاء، فضلًا عن إمكانية اتخاذ قرار بشأن إرسال بعثة غير عسكرية لدعم أوكرانيا”.

يأتي هذا الاجتماع بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى 75 لتأسيس حلف الناتو، وستُقام مراسم الاحتفال لمدة يومين في مقر الحلف، وفقًا لما ذكرته مصادر دبلوماسية. ويناقش الاجتماع ملفات الردع العامّ، ومكافحة الإرهاب، والتطورات في أوكرانيا، فضلًا عن الوضع الحالي للحلف بعد عضوية السويد وفنلندا، والتطورات الاستراتيجية في مناطق أخرى.

دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج يوم الرابع من إبريل 2024 حلفاء الحلف الدفاعي إلى الاستعداد لتقديم مساعدات أكبر وأطول لأوكرانيا، واقترح حزمة مساعدات عسكرية مدتها 5 سنوات بقيمة 100 مليار يورو لأوكرانيا.

وقال دبلوماسيين إن هذا من شأنه أن يمنح التحالف الغربي دورًا مباشرًا أكبر في دعم كييف، ويبدو أن الغرض هو جعل المساعدات لأوكرانيا أكثر استقلالية عن الولايات المتحدة، وفق “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات”.

مفهوم استراتيجي جديد للتحالف
وافق قادة الناتو يوم 17 يناير 2024 على مفهوم استراتيجي جديد للتحالف في قمة مدريد المنعقدة في 29 يونيو 2022، والذي يحدد أولويات الناتو ومهامه الأساسية وأساليبه للعقد القادم.

يصف المفهوم الاستراتيجي لعام 2022 البيئة الأمنية التي تواجه الحلف، ويؤكد من جديد قيمه، ويوضح الهدف الرئيس لحلف شمال الأطلسي المتمثل في ضمان الدفاع الجماعي لحلفائه. ويحدد كذلك المهام الأساسية الثلاث لحلف شمال الأطلسي، وهي الردع والدفاع؛ منع الأزمات وإدارتها؛ والأمن التعاوني.

توسع الناتو.. تغيير الهيكل الأمني الأوروبي
يدور جدل واسع بشأن توسع الناتو مع حرب أوكرانيا، وهل ستصبح أوروبا أكثر أمنًا أو العكس بعد انضمام فنلندا والسويد مع تعزيز نشر الناتو قواته عسكريا في بحر البلطيق، وكثيرًا ما تثير التكهنات بشأن ردود موسكو المحتملة مقابل توسع الناتو، وهذا هو صلب الجدل، لكن في أي حال من الأحوال العالم اليوم يشهد تغييرًا في النظام الدولي، والجميع يترقب نتائج التصعيد المحتمل ما بين الناتو وموسكو.

ما تداعيات توسع الناتو عند حدود روسيا؟
توسع الناتو منذ عام 1990 ولحد الآن 3 مرات: أولًا إضافة جمهورية التشيك والمجر وبولندا، ثم 7 دول أخرى في أقصى الشرق، بما في ذلك جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق إستونيا ولاتفيا وليتوانيا. وأخيرا مع ألبانيا وكرواتيا في عام 2009.

لطالما هدد السياسيون وكبار المسؤولين الروس باتخاذ “الإجراءات العسكرية الفنية المناسبة” قبل انضمام فنلندا والسويد الانضمام إلى الناتو. أشار وزير الدفاع سيرجي شويغو إلى أنواع التغييرات التي قد تشمل الإصلاحات المخطط لها في 2023-2026 إنشاء فيلق من الجيش في جمهورية كاريليا بالقرب من الحدود مع فنلندا، بالإضافة إلى إعادة إنشاء منطقتي موسكو ولينينجراد العسكريتين من خلال حل المنطقة العسكرية الغربية الحالية.

وشدد شويغو في على أن الأساس المنطقي وراء هذه التغييرات هو “رغبة الناتو في زيادة إمكاناته العسكرية بالقرب من الحدود الروسية”.

تشكيل الخريطة الأمنية لأوروبا
تصبح المنطقة الممتدة من بحر البلطيق في الجنوب إلى أقصى الشمال منطقة عمليات متكاملة تقريبًا لحلف الناتو، وقال اللفتنانت كولونيل مايكل موس من حلف شمال الأطلسي: “بالنسبة لحلف شمال الاطلسي من المهم جدًا أن يكون لديه الآن الجزء الشمالي بأكمله حتى يراه كقطعة كاملة”.

وتعتبر مدينة روفانيمي، هي أيضًا قاعدة للقوات الجوية الفنلندية في القطب الشمالي وستكون بمثابة مركز عسكري للمنطقة في حالة نشوب صراع، تستثمر فنلندا حوالي 150 مليون يورو لتجديد القاعدة لتكون قادرة على استضافة نصف أسطول جديد من 64 طائرة مقاتلة من طراز F-35، من المقرر أن تصل اعتبارًا من عام 2026.

ظهور نظام دولي جديد
كسر الصراع في أوكرانيا الهيكل الأمني الأوروبي، الذي جرى إنشاؤه بعد الحرب الباردة ومن المحتمل أن يجري تشكيل نظام عالمي جديد. وقد تجلى ذلك من خلال انضمام فنلندا والسويد.

وسيؤدي انضمام فنلندا والسويد إلى تصعيد محتمل للتوتر بين روسيا والناتو.

يمكن للتحالف العسكري في ذلك الوقت تنظيم تدريبات عسكرية وإنشاء قواعد عسكرية بجوار الحدود الروسية، وسيتم عزل كالينينغراد إلى جانب ميناء سانت بطرسبرج البحري في روسيا.

ستأخذ روسيا في الاعتبار نشر الأسلحة النووية القريبة من حدود فنلندا وبحر البلطيق إذا أرسل الناتو قواته إلى فنلندا، في حال قيام الناتو بتركيب معدات عسكرية مهمة أو حامية لعدد كبير من القوات في فنلندا، فإن ردود فعل روسيا، في جميع الاحتمالات ستكون أكثر صرامة، بعبارة أخرى فإن انضمام فنلندا والسويد للناتو سيعمل على تسريع سباق التسلح في أوروبا وستكون العودة المحتملة لـ”شبح” الحرب الباردة أكثر كارثية.

وستزداد فُرص الاحتكاك العسكري بين روسيا وحلف الناتو بإنضمام كل من السويد وفنلندا، حيث أن الأخيرة تشترك بحدود برية مع روسيا بنحو 1300 كيلومتر، وبذلك يضاعف الحلف من طول حدوده مع روسيا، في المُقابل تعتزم روسيا على بناء 12 قاعدة عسكرية على طول حدودها مع فنلندا.

تعزيز الدعم اللوجستي للناتو
تخلص دراسة “المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات” إلى أن توسيع التحالف بإضافة فنلندا والسويد، يدفع موسكو لاتخاذ إجراءات احترازية ووقائية وإنشاء تجمع مناسب للقوات في شمال غرب روسيا.

وتوضح أن انضمام السويد الى جانب فنلندا، يجعل الناتو في وضع مستريح لتعزيز الدعم اللوجستي عبر المحيط الأطلسي إلى كيميجارفي، على بعد ساعة بالسيارة من الحدود الروسية وسبع ساعات من المعقل النووي الروسي والقواعد العسكرية بالقرب من “مورمانسك” في شبه جزيرة كولا.

وتشير الدراسة إلى أن أهمية قاعدة “روفانتيمي” العسكرية الفنلندية ستظهر أكثر، بحيث يمكن أن تكون قاعدة انطلاق عمليات عسكرية للناتو.

وتلفت إلى أن تمدد الناتو وحرب أوكرانيا غير من الهيكل الأمني الى أوروبا، فلم يعد شكل خارطة أمن أوروبا بعد الحرب الباردة ذاتها، وهذا يعني أننا أمام نظام دولي جديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى