استطلاعات

بدأت بالانتشار بين أوساط الأطفال والمراهقين.. “الشيشة الإلكترونية”.. ظاهرة دخيلة تغزو مدارس العاصمة عدن وتثير قلق الأهالي

استطلاع/ خديجة الكاف

انتشرت في الآونة الأخيرة الشيشة الإلكترونية بين أوساط المجتمع بالعاصمة عدن، يتهافت عليها الأطفال والمراهقون بسبب شكلها الجذاب ونكهاتها المتعددة، ما قد يجعلهم يصبحون مدخنين في المستقبل القريب..

أضرار الشيشة الإلكترونية :

لا توجد أدلة دامغة على أضرار الشيشة الإلكترونية على المدى الطويل، وذلك نظرًا لكونها اختراع حديث نسبيًا لم يأخذ حصته الكافية من البحث والدراسة بعد، إلا أن هناك بعض المخاطر والأضرار الأولية التي تم رصدها من خلال التجربة والملاحظة، أهمها: إدمان النيكوتين، فرغم أنها تحتوي على كميات أقل بكثير من النيكوتين مقارنة بالشيشة التقليدية، إلا أن احتمال إدمان النيكوتين بسببها يبقى قائماً.

ومن ضمن أضرار الشيشة الإلكترونية تدخين مواد كيميائية تختلف طبيعتها وجودتها من نوع لآخر، هذا بالإضافة إلى ما تسببه من حساسية للجهاز التنفسي، وذلك بسبب احتوائها على عنصري البروبيلين غليكول (Propylene glycol) والغليسرول (Glycerol) بنسب عالية.

ومن أجل تسليط الضوء على هذه العادة الدخيلة على مجتمعنا في العاصمة عدن، التقينا بعدد من الأمهات لمعرفة مدى انتشار ظاهرة الشيشة الإلكترونية وشمة الحوت بين أوساط الأطفال والمراهقين خاصة في المدارس..
حيث تحدثت إلينا إحدى الأمهات وتدعى “أم سامي” قائلة: تقول : “ابنتي الصغيرة بالصف الأول والبنت الثانية بالصف التاسع.. خلال الفترة الأخيرة مع بداية الفصل الدراسي الأول وقرب الامتحانات وعدم انتظام الدراسة ويتم انصرافهن من المدرسة، تقول ابنتي إنه في زميلات لها يحضرن معهن في حقائبهن المدرسية بعض أدوات المكياج الخفيفة مثل علب البودرة وحمراء والشفاة، وأثناء انصرافهن من المدرسة يقمن بعملها على وجوههن ومعهن مقارم سوداء ويذهبن إلى كافيهات”.

وتضيف قائلة: “في أحد الأيام ابنتي خرجت من البيت مريضة فيها إسهال ومعها اختبار، وعملت الاختبار وشعرت أنها تريد الذهاب إلى الحمام، فوجدت إحدى زميلاتها في الحمام وشاهدت دخان يتصاعد وريحته حلوة مثل العطر، فطالبت زميلتها بأن تخرج من الحمام لأن بطنها توجعها، قالت لها: انتظري قليلاً، وبعد خروجها دخلت ابنتي الحمام وهي تسعل من الدخان الموجود داخل الحمام، وجاءت المنزل وهي تسعل، قالت زميلتي تعطرت داخل الحمام”.

وتواصل الأم قائلة: “أنا ذهبت إلى المدرسة وكلمت الإدارة أن الفتيات عندهن الشيشة الإلكترونية، وأنهن يتعاطينها في الحمامات، فقالت لي إدارة المدرسة: لا تقلقي، نحن نعاقب البنات ونستدعي أولياء الأمور ونخبرهم، وشكرتني المديرة”.

إحدى الأمهات تدعى (أم محمد) من جانبها تقول: “أنا معلمة متقاعدة من خمس سنوات، عندي بنات أخي يدرسن في مدارس خاصة بعدن، وأسمع منهن أن بعض زميلاتهن في المدرسة يأخذن داخل حقائب المدرسية جوالتهن ومعهن أحمر الشفاة وأكياس خضراء صغيرة (شمة الحوت)، وأقلام على شكل قلم عريض ملون، فقلت لبنت أخي صوري لي القلم العريض فصورته، وثاني يوم نزلت السوق دخلت المكتبة قلت له معك مثل هذا القلم الذي بالصورة فرد علي صاحب المكتبة قائلا : مالك يا حجة هذا مش قلم هذه شيشة إلكترونية مصغرة على شكل قلم”.

وتضيف (أم أحمد) قائلة: “رجعت البيت وكلمت أخي يروح المدرسة حق البنات ويسأل عن هذه الشيشة الإلكترونية، إلا أن مديرة المدرسة والمربية أنكرتا وجودها عند الطالبات، وأخي يؤكد لها بوجود الشيشة الإلكترونية بحوزة بعض الطالبات، وأن عليها أن تقوم بالتفتيش في حقائبهن، فقالت له المديرة أنها ستقوم يوم غد بالتفتيش وإبلاغه بالنتيجة إذا تم العثور على الشيشة الإلكترونية لدى الطالبات أو لا.. وشكرته على زيارته للمدرسة”.

بدورها تقول (أم حسين): “أنا أم لثلاثة أطفال، ابنتي الكبيرة عمرها ١٢ سنة، وعندي اثنين أولاد صغار.. ابنتي بالصف السادس وكل يومين تأتي البيت وهي فيها نوبة سعال، قالت إنها تجلس مع البنات بالاستراحة وتفطر معهن، وقالت إن هناك بنات أكبر منهن معهن شيشة إلكترونية يجلسن معهن ويدخنّ ويطلبن من ابنتي وزميلاتها أن يجربوها، ولكن ابنتي وزميلاتها ي يرفض بشدة”.

وتضيف قائلة: “عندما عرفت من ابنتي بهذه القصة نبهت عليها بأن لا تجلس معهن وتقاطعهن، وتجلس مع زميلات أخريات، وذهبت إلى المدرسة وطلبت من مربية المدرسة مراقبة البنات وإبلاغ أولياء أمورهن بأن يتابعن بناتهم”.

وتواصل (أم حسين) قائلة : “عندما ذهبت إلى المدرسة بعد أسبوع عرفت أن البنات اللاتي كن يدخن جئنّ من دول الخليج، وأن أمهاتهن يدخن، وهن يتعاطين تلك الشيشة تقليداً لأمهاتهن، نسأل الله السلامة والعافية”.

وتقول طالبة بالصف الأول الثانوي: “أنا ما تعجبني هذه الأشياء المضرة بصحتنا، ودائماً أنصح البنات، ولكن للأسف ما يهتممن بكلامي”.. سألتها عن ماهية تلك الأشياء المضرة، فقالت “شمة الحوت والشمة العادية تجي بكيس نايلون لونها أسود، واحدة من البنات السود – تقصد من المهمشات – كانت تحضر معها بالشنطة عدة أكياس وتبيع للبنات وتعلمهن طريقة وضعها بالفم، وبعد أن يتم وضعها بين شفايفهن تجلس الواحدة منهم تضحك وتنكت وتتصرف تصرفات مش طبيعية”.

وتضيف قائلة: “واحدة من البنات تحضر معها شيء يشبه البخاخ”، وعند سؤالنا لها قالت إنها تعاني من الربو دائماً وهي تمسكه بيدها، كنا نقول لها هذا البخاخ يبدو أنه غالي الثمن، فقالت لا رخيص، وكانت تخفيه بالعباية وتذهب إلى الحمام وتستخدمه، ووحدة من البنات لحقت بها ورأت دخان كثيف يتصاعد وتشتم منه ريحة المعسل، عرفنا أنها شيشة إلكترونية”.

وتحدثت إلى إحدى المشرفات بمدرسة حكومية حول هذه القضية، فاستنكرت بشدة هذا الوضع الذي وصلت له مدارسنا من تهاون في التربية والتعليم، وعدم وجود الرقابة الداخلية من الأسرة والرقابة الخارجية من المدرسة، فأصبحت المدرسة هي لقضاء أوقات ممتعة للأسف من الطلاب والطالبات.. مشيرة إلى أنه يجب على أولياء الأمور متابعة أبنائهم وبناتهم متابعة أسرية يومية وسؤالهم عن ما يحدث داخل المدرسة، وما هي الأشياء الجديدة التي يتعلمونها في المدرسة”.

وتضيف قائلة: “في إحدى الأيام الدراسية كنت أتجول في الساحة، وكنت قريبة من الحمام، ونظرت إلى نافذة الحمام التي كانت مفتوحة فرأيت أدخنة تتصاعد منها، فدخلت فجأة ووجدت عدد من الطالبات ممن كانت معهن حصة بدنية متواجدات بالحمام، وكانت الحصة الأخيرة والمدرسة شبه فاضية”.

وتستطرد المشرفة بالقول: “أخذتهن إلى الإدارة واتخذت إجراء وقمت باستدعاء أولياء أمور هن، فاتت في اليوم الثاني أمهاتهن، وأثناء طلب تعهد منهن بتربية بناتهن قامت إحدى الأمهات بالصراخ، وتقول لماذا أتعهد لم؟ بنتي لم تعمل شيء غلط أو حرام، وقالت إن الشيشة الإلكترونية هي عبارة جهاز يخرج منه دخان ناتج عن بخار الماء وليس مثل الشيشة التقليدية فيها نكهات مختلفة وتكون مضرة بالصحة.. فقمنا في إدارة المدرسة بأخذ الشيشة الإلكترونية إلى محل وقمنا بسؤال صاحبه عن مكونات هذه الشيشة، وهل هي مضرة أم لا؟.. فأخبرنا صاحب المحل بأن الشيشة الإلكترونية هي عبارة عن جاهز إلكتروني صغير يحتوي على مادة النيكوتين والنكهات لإنتاج البخار.. وقال إن بداخل الجهاز خزان يحدد عدد الشفطات التي يجب أخذها وسائل الفيب يستخدم للتخزين، ولأنه إلكتروني فأكيد يعمل بالبطارية للقيام بعملية التسخين”.

وتتابع قائلة: “عندما علمت الأم بمدى خطورة الشيشة الإلكترونية انهارت من البكاء، وقالت أنا من قمت بشرائها لبنتي عندما رأيتها تستخدم الشيشة الخاصة بصديقتها، وخفت من العدوى من فم إلى فم ولم يأتِ ببالي أنها شيشة حقيقية وأنها مضرة مثل الشيشة التقليدية”.
واختتمت المشرفة بالقول: “وفي الأخير، بتعاون أولياء الأمور مع إدارة المدرسة ومعي كمشرفة قمنا بالقضاء على هذه الظاهرة في مدرستنا، بفضل وعي واهتمام الأمهات”.. متمنية من جميع المدارس القيام بدورها الإيجابي اتجاه مثل هذه الظواهر الذخيلة على مجتمعنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى