مفاهيم طبقية قائمة على التعالي وابتزاز الطرف الآخر.. متى ينضج «الحوثي» سياسياً وفكرياً ويجنح للسلام .. ؟

سمانيوز / تقرير
رفض خارطة الطريق السعودية المدعومة دوليًا وأصر على أن يكون التفاوض أو الحوار (يمنيا-سعوديا) بمعني أنه يريد التفاوض أو الحوار مع السعودية باسم (الشمال-والجنوب) على أساس أن الحرب (يمنية-سعودية) وأن الجنوب واقع تحت احتلال خارجي،!
متى ينضج الحوثي ويصبح حضاريا معاصرا ؟ متى يصحح أفكاره الخاطئة عن السلام ويعرف قدر نفسه ؟ متى يتحرر من المفاهيم الطبقية المهيمنة على تفكيره وتصرفاته وسلوكه القائمة على التعالي والاستفراد بالرأي؟ متى يتخلى عن القواسم المشتركة التي تربطه بطريقة (ما) ببني إسرائيل الذين يعتقدون أنهم شعب اللّه المختار ، وأن الأرض ملكاً لهم وأن الحكم والرأي ليس لأحد سواهم. متى يتوقف الحوثي عن ابتزاز الطرف الآخر ويجنح إلى سلام حقيقي مستدام يعود بالخير والنفع على الشعبين اليمني والجنوبي.
ويرى محللون أن ليس لدى الحوثي أدنى رغبة في صناعة سلام أو الإنخراط في عملية سلام حقيقي كونه لم يصل إلى مرحلة النضوج وبحاجة إلى تصفية ذهنه من الأفكار الرجعية أولاً . مؤكدين على أن التصعيد الحوثي السياسي والعسكري يجهض مساعي السلام المتتالية آخرها تعنته ورفضه رسميًا المشاركة في أي مفاوضات أو حوار يمني-يمني وفق خارطة الطريق المتفق عليها في الرياض المدعومة دوليًا، وضربه بجهود ومساعي الداخل والخارج عرض الحائط بذريعة أن السعودية سوف تتنصل من التزاماتها عقب تحولها إلى وسيط للأزمة اليمنية وإصراره على أن يكون التفاوض مع الرياض (يمنيا-سعوديا) ليتسنى له الهيمنة على الجنوب سياسيًا ،
وبحسب مراقبين يرون أن الحوثي لايعترف بأي سلطة غير سلطته على اليمن والجنوب، ويسعى للسيطرة على الجنوب ويضغط على بعض دول الإقليم في هذا الاتجاه، لافتين إلى أنه يقدم نفسه للإقليم والعالم على أنه ممثل لليمن والجنوب ، وأن الجنوب واقع تحت سلطة احتلال خارجي وأن عليه التزامات بتحريره،
كما يرفض الدخول في حوار مع الشرعية كونه يراها سلطة معينة من قبل سلطة الاحتلال الخارجي ، وأنه يتوجب عليه استعادة المناطق المحررة منه متناسيًا أنه مجرد أداة بيد جمهورية إيران الإسلامية وأنه اجتاح العاصمة اليمنية صنعاء في ال21 من سبتمبر 2014م وقتل شريكه في الحكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح في ال4 من سبتمبر 2017م واجتاح الجنوب في العام 2015م وقتل آلاف الأبرياء وأنه السبب الرئيسي للأزمات الحاصلة في اليمن والجنوب وأن القرارات الأممية جميعها صدرت ضده ولايزال البلد واقع تحت البند السابع الأممي بسببه ، فمتى يستوعب الوضع ويحتكم إلى العقل والمنطق.
فمنذ 9 سنوات وعملية السلام في اليمن تراوح مكانها بسبب تعنته وتفننه في صناعة العقبات أمام المبادرات والمساعي الحميدة ، وليس لديه القدرة على إيجاد بدائل مقبولة .
وبحسب ناشطين قالوا : مليشيات الحوثي لا تفكِّر في السلام ولا تقبل به هي تستفيد من عامل الوقت وتسعى للحصول على مكاسب ومآرب عسكرية ومالية إضافة إلى ملايين الدولارات التي تجنيها من موانئ الحديدة والجمارك والإنترنت والاتصالات والضرائب ، وكثير من الإتاوات التي تأتيها من مناطق الشرعية مثل ضرائب كبار الموظفين وعائدات وزارة الاتصالات بالكامل وغيرها ، وتتجهز وتعد العدة حتى تستكمل استفادتها العسكرية وتأمين جوانب اقتصادية معيَّنة ، وتترقب الفرصة السانحة للانقضاض على الجنوب.
الطيور على أشكالها تقع :
في مقال صحفي خطه الدكتور ياسين سعيد نعمان تحت عنوان الطيور على أشكالها تقع شبه خلاله مليشيات الحوثي في تعاطيها مع جهود السلام بالكيان الإسرائيلي قائلاً :
ظلت إسرائيل تتحدث عن السلام على نحو لم يقدم أي دليل على أنها تقيم وزناً للمعنى الحقيقي للسلام ، أي السلام الذي يعني فيما يعنيه تطبيق قرارات الشرعية الدولية المتمثلة في إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية ، وإقامة دولة فلسطين في حدود 1967م وعاصمتها القدس ، وعوضاً عن ذلك راحت تفسر السلام على أنه تطبيع الأوضاع مع الدول العربية مع بقاء القضية الفلسطينية دون حل، ويرى د/ نعمان أن مليشيات الحوثي تسير على نفس منوال الكيان الإسرائيلي قائلًا :
وعلى هذا النهج يسير الحوثي في تطبيق مفهومه للسلام حيث يصر على أن السلام الذي يسعى إليه لا صلة له بالمشكلة اليمنية التي فجرها بانقلابه على الشرعية الدستورية وعلى التوافق السياسي الوطني وإدخال البلاد في أتون حرب مدمرة ، وإنما بتطبيع علاقاته مع دول الجوار ، ويسجل بذلك تناغماً مع المفهوم الإسرائيلي للسلام يستدل منه على تخادم في الموروث الثقافي- السياسي الذي يتحرك من بؤر حقنت بالدم ، ولا ترى لنفسها حضوراً في هذه الحياة إلا بالدم ، ولا ترى السلام إلا عنواناً مضللا لحقيقة أنها لا تعيش إلا بالدم.
التحرر من الخارج أولاً :
ويرى القيادي بانتقالي أبين الأستاذ حيدره عبد الله أن القرار السياسي ليس بيد الحوثي وأن الحوثي مجرد أداة ووسيلة ضغط إيرانية على الجنوب والشرعية وعلى السعودية ، وأنه لايمتلك قراره بيده إطلاقًا، و(القضية الحوثية الشرعية السعودية) مرتبطة مباشرة بطهران وتعتمد على مدى التقارب أو التباعد بين الكبار ، إيران والسعودية ومن خلفهما الدول العظمى صاحبة القرار الدولي علمًا أن إيران تمارس سياسة النفس الطويل ، وتلعب بأكثر من ورقة وخير مثال على ذلك الأزمة اللبنانية لها أكثر من أربعين سنة وهي لاتزال بدون حل جذري وكل ما انخمدت نيرانها صبت إيران عليها البنزين وهكذا هي السياسة الإيرانية في اليمن (السهل الممتنع) وأتوقع أن تمتد الأزمة اليمنية فترة طويلة في حال استمرار ارتهان الداخل للخارج وفي حال أن الحوثي لم يكف عن حماقاته وأطماعه في الجنوب ، وتكمن الحلول في حل الدولتين وبغير ذلك مجرد مضيعة للوقت وللجهد.
الحوثي حرف مسار السلام إلى تبعية واستسلام :
وكان القيادي بانتقالي العاصمة عدن الأستاذ هشام الجاروني مسك ختام تقريرنا حيث قال : دعنا نتفق أولاً أن فكرة الحوثي عن السلام نابعة من اعتقاده المغلوط بأنهم ورثة الأنبياء ونسل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. وأردف :
هذا الاعتقاد حرف مسار كل مفاهيم السلام إلى فكرة الاستسلام والتبعية والهيمنة وهي مفاهيم لايمكن بأي حال من الأحوال أن تتوافق مع فكرة السلام الأصلية والقدرة على التعايش مع الآخر المختلف في ظل عدالة إنسانية لا اعتقد ولا أظن أن الحوثيين يؤمنون بها أو يقبلون بها، حيث أن القدرة على تحقيق السلام تحتاج إلى إرادة إنسانية تقبل بمفهوم السلام لكل الناس وليس للسيد وأتباعه فقط كما يفسر الحوثيين السلام اليوم بأنه حق إلهي، وللجماعة أن تحدد المستفيدين من ذلك السلام لقد وقعت الجماعة تحت وزر الموروت التاريخي أو بما يمكن تسميته (التاريخ العبئ ) والذي لازال يشكل الذاكرة الجمعية لهؤلاء القادمين من غياهب الماضي للاستئثار بالمستقبل لهم وحدهم دون غيرهم متجاوزين أن الغالبية الساحقة من هذا الشعب في اليمن والجنوب ترفض تلك الفكر القائمة على الاستلاب لكل فرص السلام ، لذلك أعتقد أن القبول بالحوار من أجل السلام بهذه الطريقة العبثية لن تجني الأطراف المشاركة فيه أي مكاسب إلى أن يتخلى الحوثيون عن مسألة الحق الإلهي في الحكم والسيادة والعصمة الربانية الوهمية ، وهذا التغيير الذي تنشده الغالبية لن يتحقق في ظل هكذا صيغة تستثني الكل وأولهم الجنوبيين الذين لم يقبلوا بعودة 30 عاما من حكم الشمال إلى أرضهم ، فكيف سيقبلون بالف عام من عصمة صبيان كهوف مران هل تتصور معي أن هناك جنوبيا واحدا سيقبل بفكرة تقبيل ركبة السيد ،
هذا عبث وتبديد للوقت وتكسير مجاديف ثورتين في الشمال والجنوب ، لازالت المملكة تتوجس منهما وتنظر لهما بعين الريبة.
وختم الاستاذ الجاروني قائلاً : المملكة تلعب بالنار وأرجو أن تعيد حساباتها في السلام المتدحرج بين قدميها
أما التعويل على تغيير مفاهيم الحوثيين نحو السلام فذاك لوحده عبث آخر نتمرغ فيه نتيجة عجزنا وفشلنا في تحقيق السلام لغياب الإرادة الحقيقية ولاختلاف مصالح الشركاء في تلك الحرب وتنوع الأولويات عند أطراف شريكه في التحالف لاترى في هزيمة الحوثي الحل خوفا من نتائج تلك الهزيمة وأقصد هنا أطراف في الشرعية لازالت تحلم أن أولوياتها تتمثل في إسقاط الجنوب وليس الحوثي.