المخزوم : بحثي يساهم في علاج بعض الأورام السرطانية

سمانيوز/شقائق/ حوار/ نوال باقطيان
شهدت كلية التربية في جامعة عدن، في 21 يوليو المنصرم، بحضور رئيس الجامعة الدكتور الخضر لصور، حفلاً تكريمياً للدكتورة خلود عبدالله أحمد المخزوم، عضو الهيئة التدريسية في كلية التربية عدن، لحصولها على براءة الاختراع في الكيمياء العضوية من الإدارة العامة لحماية الملكية الفكرية بوزارة الصناعة والتجارة، عن رسالتها في مساق الدكتوراة الموسومة بـ«اصطناع وتشخيص بعض المركبات الحلقية الجديدة غير المتجانسة المحتوية على ذرتي نتروجين في تركيبها الحلقي ودراسة نشاطها البيلوجي».
حيث تعد الدكتورة خلود المخزوم إحدى النساء الموهوبات اللاتي يطمحن في تسجيل بصمة مميزة في المجتمع، من خلال توظيف الكيمياء العضوية في علاج الأورام والأمراض المستعصية.
ولدت الدكتورة خلود المخزوم في العاصمة الجنوبية عدن، وأكملت تعليمها في عدن وحصلت على البكالريوس من جامعة عدن “قسم الكيمياء” عام 1994م، وتعينت بعد تخرجها معيدة في القسم، ومنذُ ذلك الحين تدرجت بدرجتها العلمية حتى وصلت إلى “أستاذ مساعد” بعد نيلها الماجستير. ومنذ ذلك أنفقت أكثر من عشر سنوات في البحث الأخير حول الكيمياء العضوية، ما بين مختبر وآخر وجامعة وأخرى، حتى نالت براءة اختراع حول هذا البحث.
وللتعرف أكثر على الدكتورة خلود المخزوم، والوقوف على تفاصيل بحثها، كانت صحيفة «شقائق» لسان حال المرأة الجنوبية وخرجت بهذا اللقاء..
تقول الدكتورة خلود عبدالله أحمد حسين، دكتور مساعد في جامعة عدن: بدايتي كانت في تخصص الكيمياء العضوية، وتحصلت على البكالوريوس من كلية التربية قسم الكيمياء في جامعة عدن عام 1994م، ولأني كنت متفوقة عُيّنت مباشرة بعد تخرجي كمعيدة في القسم، مما سهل لي تحضير الماجستير، وبعد تحضيري لرسالة الماجستير حصلت على لقب “مدرس”، ونظراً لعدم وجود مساق الدكتوارة في جامعة عدن آنذاك أمضيت فترة طويلة في القسم دون إتمامي دراستي لمساق الدكتوراة.
ثم ذهبت بعدها إلى صنعاء وقدمت على مساق الدكتوراة مع مجموعة من زملائي، ومكتث هناك في جامعة صنعاء لإجراء الأبحاث في رسالتي الدكتوراة التي حزت الآن عليها براءة الاختراع، والتي كانت الرسالة حول الكيمياء العضوية تحت عنوان (اصطناع وتشخيص بعض المركبات الحلقية الجديدة غير المتجانسة المحتوية على ذرتي نتروجين في تركيبها الحلقي ودراسة نشاطها البيلوجي).
وأضافت: لكن بسبب ظروف حرب 2015م على عدن تركت صنعاء، خاصة بعد مغادرة المشرفة على رسالتي الدكتوراة، وعودتها إلى بلادها العراق. توقفت فترة بعد هذه الأحداث، وبعد ذلك كانت جامعة عدن فتحت مساق الدكتوراة وتقدمت للدراسة مجدداً، وقدمت أوارق اعتمادي مرة أخرى.
وتتابع قائلة: ولأن الرسالة كانت جاهزة في تاريخ 26/2/2022 ناقشت الرسالة، وحصلت بعدها على لقب أستاذ مساعد، وهذا آخر لقب علمي حصلت عليه، والآن أقوم بتدريس طلاب البكالوريوس والماجستير، ومازلت عضو هيئة التدريس في قسم الكيمياء بكلية التربية.
وعن التكريم الذي نالته الدكتورة خلود المخزوم من جامعة عدن بعد نيلها براءة الاختراع، أشارت إلى أنه في تاريخ 21/7/2024 كُرمت من قبل رئيس جامعة عدن الدكتور الخضر لصور، في حفل أقيم لأجل تكريمي تحت إشرافه، بحضور الدكتور سالم الكعبي عميد كلية التربية، وحضور مركز أبحاث المرأة في جامعة عدن ممثلاً بالدكتورة هدى علوي، وذلك بعد حصولي على براءة الاختراع من وزارة التجارة والصناعة في العاصمة الجنوبية عدن، بعد أن قمت بالتواصل معهم وعرض أبحاثي في رسالة الدكتوراة على اللجان المختصة في الوزارة.
ونوهت المخزوم بالقول: ومن شروط قبول البحث أن ينشر البحث في مجلة خاصة بالوزارة لمدة ثلاثة أشهر، فإذا لم يوجه للبحث أي ملاحظات أو انتقادات خلال هذه الأشهر يمنح البحث براءة اختراع.
وعن فكرة الأبحاث التي أجرتها الدكتورة خلود تقول: كانت أبحاثي التي اجريتها حول عملية تحضير بعض المركبات التي يمكن استخدامها لعلاج بعض الأمراض، حيث قمت بتركيب مواد مشابهة بمشتقات DNA و RNA الموجودة بجسم الإنسان، وقمت باختبارها وتجربتها على على أنواع من البكتيريا وأنواع من الفطريات، والتي ثبتت من خلال التجارب المعملية فعاليتها بعلاج أنواع من السرطانات، والقضاء على بعض البكتيريا وأنواع من الفطريات، وخاصة البكتيريا الموجودة في أمعاء الإنسان والجهاز التنفسي، والقضاء عليها بشكل كبير. ولم يتسنَ لي تجربته على نطاق واسع من البكتيريا والفطريات وأنواع أخرى من الأورام، نتيجة لشحة الإمكانيات المتاحة لدي.
وعزت الدكتورة خلود فكرة بحثها إلى مشرفة رسالتها في مساق الدكتوراة الدكتورة صائبة حسن في جامعة صنعاء، التي – كما قالت – اقترحت فكرة البحث في مجال الكيمياء العضوية، مبينةً أن هذا الجانب من الأبحاث التي كانت غير معروفة آنذاك، فعلى المستوى المحلي لا توجد أبحاث ودراسات فيها، أما على المستوى العربي والعالمي كانت الأبحاث فيها نادرة.
وعن الأشخاص الذين قدموا لها الدعم أشارت الدكتورة خلود إلى العديد من الأشخاص، بداية بالدكتورة رخصانة إسماعيل مديرة مركز العلوم والتكنولوجيا، التي كانت ضمن لجنة مناقشة رسالتها الدكتوراة، وأشارت إلى أنها هي من قدمت – أثناء المناقشة – فكرة تقديم بحثها لنيل براءة الاختراع، ومن ثم الدكتورة هدى علوي مديرة مركز المرأة للبحوث في جامعة عدن. وقالت: لقد لعبت الدكتورة هدى دوراً كبيراً في تسهيل وتذليل الصعوبات أمامي، بالإضافة إلى أنها كانت من اقترح على الدكتور الخضر تكريمي، كوني إحدى أعضاء هيئة التدريس في كلية التربية المبرزات. وأخيراً الدكتور أحمد ثابت السرحي، المشرف على رسالتي في الدكتوراة، الذي قدم لي الكثير لإكمال بحثي وإتمامه.
ومن هنا أحب أن أتقدم لكل أساتذتي ومن دعمني بعظيم الشكر والامتنان، على تذليلهم الصعوبات أمامي، وتقديم الجهود حتى يرى بحثي هذا النور، ويصبح معلماً علمياً يهتدي به الطلاب.
وعن الصعوبات التي واجهتها في سبيل إكمال البحث، تقول الدكتورة خلود: واجهت صعوبات جمة، فإجراء البحوث العلمية في الجنوب صعبة جداً، وذلك لعدم توفر الأدوات والمعدات والمواد البحثية، خصوصاً في مساقي الماستر والدكتوراة. فأثناء بحثي كنت أقوم بشراء بعض المواد على حسابي الخاص، فعندما قمت ببحثي كانت أسعار المواد لا بأس بها، أما الآن تضاعفت أسعار المواد، وسعر هذه المواد بالعملات الأجنبيّة، فشحة الإمكانيات كانت من أكبر العوائق أمامي. وعندما أردت شراء أحد المواد بلغ سعرها 500 يورو، ناهيك عن انقطاعات التيار الكهربائي عن الكلية الذي ضاعف من الصعوبات أمام الباحث، فكلية التربية تعاني التهميش والإهمال من قبل الحكومة.
بالإضافة إلى صعوبة تحليل المواد التي نقوم بتحليلها في مختبرات محلية هنا أم نرسلها إلى الخارج، فقد كنت أقوم بإرسال العينات للتحليل إلى مصر في المركز القومي للأبحاث.
وتابعت حديثها: كنت أمضي جل يومي في المختبرات في جامعة عدن، من السابعة صباحاً حتى المساء دون أي راحة، وذلك لمراقبة العينات وتسجيل الملاحظات والنتائج، فبعض العينات لابد أن أقوم بزراعتها وتركها سبع ساعات متواصلة حتى لا تفسد العملية، مما سبب لي الآلام بجسدي وكدت أفقد حياتي.
أما عن طموحاتها، أوضحت الدكتورة خلود قائلة: أتمنى أن يجد بحثي صدى عند باقي الباحثين، وأن يتمكنوا من تطوير جوانبه، كما أتمنى تزويد الباحثين بالإمكانيات ليتمكنوا من إجراء البحوث والتجارب وتطبيق البحوث، والاستفادة من هذه الأبحاث في علاج الأمراض المستعصية، وأن تخفف من معاناة الناس، فلا يعقل بعد كل هذه السنوات من العناء في سبيل إجراء بحثي أن لا يجد بحثي آذاناً صاغية من الجهات المختصة في سبيل تطويره وتعميم الاستفادة منه، كما أتمنى أن يساهم هذا البحث في تحسين دخلي المادي.
مستدركة بالقول: لكن جل حرصي أن تُطور هذه الأبحاث في سبيل علاج المرضى وفي خدمة البشرية.
وعن خططها المستقبلية، قالت الدكتورة خلود: الوضع الآن مزرٍ، ولأجل رفع لقبي العلمي من أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك لابد لي من إجراء ثلاثة بحوث وفقاً لشروط وقوانين الكلية.. بحث أقوم به لوحدي، وبحثان أقوم بهما مع أحد زملائي، إلا أن الوضع كما ترين صعب جداً في الكلية من شحة الإمكانيات وتواضع المختبرات وانقطاع التيار الكهربائي، فكلية التربية تواجه الإهمال والتهميش ولا تلقى إقبالاً من الطلاب، وهذا الأمر يحول دون تنفيذ وإكمال أبحاثي.
وفي نهاية اللقاء اختتمت الدكتورة خلود المخزوم حديثها بتوجيه كلمة أخيرة للمرأة بقولها: أرى أن المرأة لم تجد الاهتمام والتكريم الكافيين، لدفعها إلى بذل المزيد من الإنجازات، فالجهات المختصة لا تكرم المرأة إلا لإنجاز كبير أوجد علامة فارقة في أي جانب علمي أو عملي.
أما أثناء عملها واجتهادها وبذل مجهود في عملها تكاد لا تلقي بالاً من الجهات، فأتمنى من هذه الجهات بذل مزيد من الاهتمام والرعاية لها وتكريمها في كل المناسبات.
كما وجهت كلمة أخيرة للباحثين قائلة: هناك دفعة من الباحثين سينقاشون بحوثهم عما قريب، أتمنى لهم من الله التوفيق وأن ييسر أمورهم ويوفقهم في أبحاثهم ويذلل الصعوبات التي تواجههم.
لقد مروا بفترة وظروف صعبة أثناء أبحاثهم، وكما تعلمي فإن قسم الكيمياء بحاجة ماسة لكادر التدريس، وتأتي هذه الدفعة كرافد هام لرفع وانتشال وضع القسم من الوضع الصعب الذي وصلت إليه.