«اليوبي» بين تجارب الغربة وتطلعات الإصلاح

سمانيوز/حوار
مقدمة:
يُعَدُّ الدكتور صادق محسن اليوبي من الشخصيات البارزة في مجال الطب، حيث تخصص في جراحة الوجه والفكين، وكرَّس سنوات طويلة من حياته المهنية في هذا المجال. خلال فترة عمله في كوبا والإكوادور، اكتسب خبرات واسعة، مما ساهم في تطوير مهاراته الطبية والإدارية.
في هذا الحديث مع الدكتور صادق اليوبي، الذي عاد إلى أرض الوطن بعد غربة دامت 15 عامًا، يتناول الكثير من القضايا الوطنية، السياسية، والاقتصادية التي تشهدها بلده الجنوب. في هذا الحوار، يكشف عن تطلعاته لرؤية التغيير، ويعرض آرائه حول كيفية مواجهة التحديات، خصوصًا في مجالي الصحة والإدارة.
نستعرض فيما يلي أبرز المحاور التي تناولها في هذا اللقاء:
١) تطورات سياسية إيجابية في الجنوب رغم التحديات الاقتصادية والمعيشية
٢) رؤية لتطبيق المعايير العالمية في الجنوب
٣) أهمية تطوير القطاع الصحي وبناء المؤسسات القوية
٤) ضرورة استثمار العقول والكفاءات لتحقيق التغيير المنشود
حاوره:
أصيل هاشم
الدكتور صادق محسن اليوبي، بعد مدة سفر استغرقت 15 عامًا منذ آخر زيارة لك، أهلاً وسهلًا بك في بلدك ومسقط رأسك في محافظة الضالع. كيف حالك؟
أهلاً بك، أنا بخير والحمد لله، شكرًا.
كيف شعرت عند عودتك إلى بلدك بعد هذه المدة الطويلة؟
العودة إلى الوطن بعد سنوات طويلة كانت مزيجًا من المشاعر العميقة. شعرت بسعادة غامرة للقاء الأهل والأصدقاء، وحنين لا يوصف لكل زاوية من هذه الأرض التي نشأت عليها. لكن في الوقت نفسه، كان هناك شعور بالمسؤولية، لأن الوطن بحاجة إلى أبنائه، وكل من لديه خبرة أو علم يجب أن يسعى للمساهمة في تحسين الوضع، كلٌّ في مجاله.
هل لاحظت أي تغييرات في بلدك منذ آخر زيارة لك؟
لا شك أن هناك تغييرات واضحة، بعضها إيجابي مثل التطورات السياسية التي يشهدها الجنوب، وهناك جهود تُبذل لتحسين الوضع الأمني وبناء مؤسسات قوية. لكن في المقابل، لا يمكن إنكار أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية أصبحت أكثر صعوبة، والمواطن الجنوبي يواجه تحديات يومية تتطلب حلولًا جذرية، وليس مجرد إصلاحات سطحية.
ما هي التجارب الجديدة التي تعلمتها أثناء سفرك؟
السفر كان مدرسة حقيقية، علّمني كيف أفكر بطريقة مختلفة، كيف أتعامل مع التحديات، وكيف أطور مهاراتي ليس فقط في المجال الطبي، ولكن أيضًا في الإدارة والتخطيط. في كوبا والإكوادور، اكتسبت خبرة عملية كبيرة في جراحة الوجه والفكين، وتعلمت أن النجاح لا يعتمد فقط على الإمكانيات، بل على الإدارة الصحيحة واستغلال الموارد المتاحة بشكل ذكي.
كيف أثرت تجارب السفر على حياتك الشخصية والمهنية؟
على المستوى الشخصي، أصبحت أكثر إدراكًا لقيمة الوطن وأهمية أن يكون للإنسان دور في بنائه. وعلى المستوى المهني، أصبحت أكثر ثقة في قدراتي، وأكثر إصرارًا على تطبيق ما تعلمته في بلدي، لأنني رأيت كيف يمكن للأنظمة الصحية الناجحة أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الناس.
هل تخطط لاستكمال السفر في المستقبل القريب؟
السفر يظل وسيلة لاكتساب المزيد من الخبرات، لكن في هذه المرحلة، الأولوية بالنسبة لي هي استثمار ما تعلمته لخدمة وطني. أؤمن بأن التغيير الحقيقي لا يكون في البحث عن الفرص بالخارج فقط، بل في خلق الفرص داخل الوطن.
هل لاحظت أي تحسينات في البنية التحتية أو الخدمات في بلدك؟
هناك جهود تُبذل في بعض المجالات، لكن لا يمكن إنكار أن الخدمات والوضع المعيشي لا يزال في حالة صعبة. الكهرباء، المياه، والخدمات الأساسية لا تزال تعاني من أزمات حقيقية، وهذا يؤثر على حياة الناس اليومية. من الضروري أن تكون هناك تغييرات إدارية حقيقية، بحيث يتم وضع الأشخاص المناسبين في المواقع المناسبة، لأن غياب الكفاءات يؤخر أي تقدم يمكن تحقيقه.
كيف تقيّم الوضع الاقتصادي والسياسي في بلدك حاليًا؟
الوضع الاقتصادي يزداد صعوبة، والمواطن الجنوبي يتحمل أعباء معيشية تفوق قدرته. الغليان الشعبي في الجنوب يعكس حجم المعاناة، وهذا يتطلب إجراءات جذرية، وليس مجرد حلول مؤقتة. صحيح أن هناك متغيرات إقليمية ودولية تؤثر على الوضع، لكن لا بد أن يكون هناك إصلاح إداري شامل، وتعيين الكفاءات الوطنية القادرة على اتخاذ قرارات تصب في مصلحة المواطن.
هل هناك أي مشاكل أو تحديات تواجه بلدك حاليًا؟
المشاكل التي نواجهها ليست فقط اقتصادية أو خدمية، بل هي أزمة إدارة عميقة في المقام الأول. لا يمكن لأي بلد أن ينهض دون وجود إدارة كفؤة. لذلك، نحن نؤمن بأن التغيير لا يمكن أن يكون تجميليًا أو مجرد تعديلات شكلية، بل يجب أن يكون تغييرًا جذريًا، ثورة حقيقية في الإدارة تقتلع الفساد من جذوره، وتضع الرجل المناسب في المكان المناسب.
ما هي الأشياء التي تريد القيام بها أو رؤيتها في بلدك خلال الفترة القادمة؟
أتمنى أن أرى قرارات شجاعة تعيد الأمل للمواطن الجنوبي، قرارات تُبنى على فهم عميق للواقع، تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الإقليمية والدولية، ولكن في الوقت ذاته، لا تتردد في اتخاذ الخطوات الجريئة عندما يكون ذلك ضروريًا. أحد أهم الدروس التي تعلمتها من تجاربي هو أن الاعتدال لا يعني التردد، بل هو الموازنة بين الحكمة والجرأة، بين المرونة والحسم.
هل هناك أي نصائح أو مشورة تريد تقديمها للأشخاص الذين يريدون السفر إلى بلدك؟
اليمن، والجنوب تحديدًا، مليء بالفرص والتحديات في الوقت نفسه. من يريد السفر إلى هنا، يجب أن يكون مستعدًا لمواجهة الواقع، وألا يأتي فقط بمشاريع نظرية، بل برؤية عملية يمكن تطبيقها على الأرض.
كيف يمكن لبلدك أن يستفيد من تجارب السفر والتعلم من الثقافات الأخرى؟
أكبر درس يمكن أن نستفيده من الخارج هو أن النجاح لا يعتمد فقط على الموارد، بل على الإدارة الصحيحة واستثمار العقول والكفاءات. نحن بحاجة إلى بناء مؤسسات قوية، وإعطاء الفرصة للخبرات الوطنية التي تعلمت في الخارج لتساهم في بناء الجنوب على أسس حديثة ومتينة.
شكراً لك على هذا الحوار الثمين. أتمنى لك التوفيق في مشاريعك المستقبلية.
شكرًا لك على هذه الفرصة. أتمنى أن أكون قد ساهمت في تقديم صورة حقيقية عن بلدي وطموحاته.
ختامًا:
يؤمن الدكتور صادق محسن اليوبي بأن مستقبل الجنوب يعتمد على استثمار العقول والكفاءات، وبناء مؤسسات قوية تواكب المعايير العالمية. ورغم التحديات، يظل الأمل في تحقيق التغيير قائمًا، مدفوعًا بإرادة حقيقية وإدارة ناجحة تستفيد من الخبرات والتجارب الناجحة