الجنوب العربيتقارير

إخوان اليمن في حضرموت: قراءة تحليلية في الأهداف العسكرية والسياسية وتداعياتها على الجنوب

حضرموت وسقوط الرهان الإخواني: المواجهة التي تحدد مصير الجنوب

سمانيوز/خاص/بقلم: المحرر السياسي

منذ اندلاع الحرب في اليمن، لم تكن حضرموت بمنأى عن الصراع على النفوذ والقرار، حيث شكّلت المحافظة الأكبر في الجنوب مسرحًا استراتيجيًا للتجاذبات بين القوى السياسية والعسكرية المختلفة. وفي هذا السياق، يبرز الدور الذي تلعبه جماعة الإخوان المسلمين، ممثلة بحزب التجمع اليمني للإصلاح، كمحاولة أخيرة لإعادة ترتيب أوراقها في الجنوب، وهو ما تناوله الكاتب عادل العبيدي في مقاله الهام “حضرموت هي آخر أوراق الإخوان”، كاشفًا عن خفايا المخطط الإخواني في وادي وصحراء حضرموت، وما يحمله من أبعاد سياسية وعسكرية تهدد مشروع استعادة الدولة الجنوبية.

يذهب العبيدي في طرحه إلى أن إخوان اليمن عملوا، خلال السنوات الماضية، على إبقاء ورقتهم العسكرية في حضرموت راكدة، ممثلة ببقاء ميليشيات المنطقة العسكرية الأولى، تحت سيطرتهم، في مديريات وادي وصحراء حضرموت. هذا الجمود لم يكن عشوائيًا، بل استراتيجية محسوبة الهدف منها تعطيل أي تقدم سياسي أو عسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي نحو استكمال مشروع استعادة دولة الجنوب.

وحين حاول الانتقالي، عبر اتفاق الرياض، تحريك هذه الورقة الراكدة بدفع تلك الميليشيات للقتال ضد الحوثيين على جبهات الشمال، جاء الرد برفض التنفيذ، في تواطؤ صريح من بعض الأطراف الراعية للاتفاق، ما أكد نوايا الإخوان في الإبقاء على تواجدهم في حضرموت كورقة ضغط ومساومة سياسية.

التحول الأخطر، كما يرصد العبيدي، تمثل في الدعم الصريح الذي أعلنه حزب الإصلاح لبن حبريش، ودعوة أنصارهم للاحتشاد في هضبة حضرموت. هذه الخطوة لا تحمل في طياتها نية مواجهة الحوثيين، بل تشير إلى مسعى للسيطرة على كامل محافظة حضرموت، وعزلها عن الجنوب، وضرب المشروع التحرري الجنوبي في عمقه الجغرافي والاستراتيجي.

لكن العبيدي يرى أن هذا التحرك، وإن بدا تصعيدًا مقلقًا، قد ينقلب على أصحابه، إذ يمنح المجلس الانتقالي الجنوبي، والنخبة الحضرمية، والمقاومة الجنوبية، والشعب الحضرمي عامة، فرصة تاريخية لتفكيك الورقة الإخوانية الأخيرة في الجنوب. ويقارن الكاتب هذه التحركات الإخوانية في حضرموت بسيناريوهات سابقة في عدن ولحج وأبين وشبوة وسقطرى، حيث قوبلت بتحرك جنوبي حاسم انتهى بطرد الميليشيات الإخوانية، وفرض سيطرة أمنية وعسكرية جنوبية كاملة.

ويشير العبيدي إلى أن السعودية، وإن كانت راعية لاتفاقات سابقة، فإنها لم تجد في النهاية إلا الاعتراف بالواقع الجديد الذي فرضه الانتقالي، ومن ثم تعميق شراكتها معه، خصوصًا في إطار الحرب على ميليشيات الحوثي، وهو المسار ذاته المتوقع لحضرموت، التي لن تكون استثناءً، كما يختم العبيدي.

إن ما يطرحه عادل العبيدي لا يعكس فقط وجهة نظر تحليلية، بل ينبّه إلى مرحلة مفصلية تمر بها حضرموت، حيث تتقاطع فيها رهانات الإخوان بمحاولة الاحتفاظ بموقع على الخارطة، مع اندفاعة جنوبية تتجه نحو التحرير الكامل. ومع تصاعد الوعي الحضرمي بضرورة الانعتاق من الوصاية العسكرية والسياسية، فإن تحركات الإخوان قد تكون بالفعل آخر أوراقهم في الجنوب… ورقة ستسقط كما سقطت غيرها، تحت ضغط الإرادة الجنوبية المتماسكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى