الجنوب العربيالسلايدر الرئيسيتقارير

الرهان المستحيل: الجنوب بين خصومة الشرعية ومخاطر الاستحداث السياسي

تحليل: استنادًا إلى رؤية عبدالله باحاج

سمانيوز/ رصد وتحرير : هشام صويلح

في الوقت الذي يعيش فيه الجنوب حالة من الغليان السياسي والاجتماعي، تتصاعد التحذيرات من رهان البعض على ما يُعرف بـ”الشرعية اليمنية” كمخرج للأزمات المتراكمة. الكاتب عبدالله باحاج يذهب إلى أبعد من ذلك، في وصف هذا الرهان بأنه “شيء من سابع المستحيلات، إذ لا يمكن لها أن ترتقي بمسؤولياتها تجاه شعبنا في الجنوب.”

يرى باحاج أن الشرعية لم تكن يومًا طرفًا محايدًا أو شريكًا موثوقًا، بل “عدو شعب الجنوب وقضيته، لأنها ترفض إحلال السلام منذ زمن بعيد، وتريد اغتصاب الأرض والإنسان في الجنوب بالقوة.” بهذا الطرح، لا تتجسد الأزمة في فشل الشرعية فقط، بل في تعمدها هندسة الانهيار والنهب، حيث “تحتفظ باللصوصية والنهب لمقدرات شعب الجنوب، فهي تعتبرها ثروة للوجود، ما دامت قد قبضت عليها بالحديد والنار، والتفريط فيها أمر غير مقبول.”

ويذهب الكاتب إلى تفنيد التناقض الكامن في مطالبة هذه القوى بإصلاح الواقع الجنوبي، واصفًا ذلك بالسخرية المرة: “الاعتماد على عدو وخصم ومعادٍ لقضيتنا وشعبنا، ونطلب منه أن يُصلح الأوضاع الأمنية والاقتصادية والخدماتية والمعيشية… فهذا يعني مثل المجنون الذي يطلب من مجنون آخر إنقاذه!”

لكن الأخطر، من وجهة نظره، لا يتوقف عند فشل الشرعية، بل يمتد إلى ما يسميه بـ”المنشأ السياسي الخبيث”، وهو مشروع جديد يتغلغل في الجنوب تحت لافتات مختلفة، بهدف تفخيخ الواقع الجنوبي من الداخل. “هناك منشأ سياسي جديد مستحدث، يهدف إلى زرع الانشقاقات وتصدير المضاعفات السياسية العدائية لقضيتنا وشعبنا وقيادتنا.” ويضيف: “يهدف إلى توظيف مشروع الأجندة السياسية لقوى وأحزاب يمنية شمالية، لإغراق الجنوب وشعبه في المحن والإفقار والتجويع، لخلق الفوضى الخلاقة واستغلالها…”

وبينما تتعدد مظاهر التسلل السياسي وعمليات التخريب المقنّعة، لا يخفي باحاج قلقه من المستقبل القريب، متسائلًا بحدة: “فهل من الممكن والمعقول أن نتوسم في عدو وخصم أن يُصلح الأوضاع بكل أذرعه في الجنوب، وأن يُطبع الحياة الآمنة ويُرسخ السلم الاجتماعي؟ طبعًا لا، ومليون لا.”

وفي الختام، يُحذر باحاج من انفجار محتوم إذا ما استمرت هذه المشاريع العدائية في العبث بالمشهد الجنوبي: “التلاعب بالزيت على مقربة من النار يولد الانفجار، ويضر بالأمن القومي الجنوبي.” ويضع الكرة في ملعب القيادة الجنوبية، داعيًا إياها إلى تحمّل مسؤولياتها التاريخية بروح منفتحة تجاه المخاطر، مؤكدًا: “نتمنى من القيادة الجنوبية انفتاحًا سياسيًا يليق بخطورة المرحلة الراهنة، التي تسارعت فيها ولادة منشأ سياسي خبيث مستحدث، وما له من انعكاسات خطيرة على تهديد السلم والأمن القومي لشعبنا وقضيته العادلة والمشروعة.”

هذا المقال يأتي في سياق تنامي الأصوات الجنوبية الداعية لليقظة السياسية، ويُجسّد رؤية عبدالله باحاج كإحدى الأصوات المنذرة من مغبة الاستسلام للواقع المفروض، ومن خطورة إعادة إنتاج أدوات الصراع تحت عباءة “الشرعية” أو عبر مشاريع سياسية دخيلة، قد تكون أشد فتكًا من المواجهة المباشرة.

تنوية:
الاستحداث السياسي عند عبدالله باحاج هو نوع من التدخلات السياسية المشبوهة التي تسعى إلى تغيير الواقع السياسي لصالح أطراف قد تكون معادية للمشروع الجنوبي، وتعمل على إضعاف جهود الوحدة الجنوبية وتفتيت المواقف السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى