“لقاء الهضبة” بين فشل الرئاسي ومخططات اليمننة: قراءة في مقالة صالح الدويل
كيف كشف مقال "إعادة تلميع اليمننة" الأجندات الخفية وراء لقاء حضرموت وأزمات الجنوب البنيوية؟

سمانيوز/تحليل صحفي/ خاص
في مقالته المعنونة “إعادة تلميع اليمننة”، قدّم الكاتب والمحلل السياسي صالح علي الدويل قراءة حادة ومركزة لمآلات لقاء هضبة حضرموت، ربط خلالها بين الأزمة البنيوية في إدارة الجنوب، ومحاولات القوى اليمنية إعادة إنتاج مشروع اليمننة تحت لافتات إعلامية وخطط سياسية متفرقة.
انطلق الدويل من تشخيص واضح للأزمة، معتبرًا أن لقاء الهضبة لم يكن سوى مرآة لفشل مجلس القيادة الرئاسي، الذي لم ينجح في إدارة المحافظات الجنوبية المحررة. يقول: “لقاء هضبة حضرموت عكس الأزمة الفعلية لفشل مجلس القيادة الرئاسي في إدارة المحافظات المحررة في الجنوب، إدارتها الفساد المالي والإداري، واللعب الخبيث بالورقة الاقتصادية والخدماتية، وبانهيار العملة، وباختيار مسؤولين فاسدين.”
ورغم هذا الواقع المأزوم، يرى أن الأطراف الجنوبية عاجزة عن فرض أي تحول ذاتي لغياب شرط الدولة الراعية والضامنة، مؤكدًا أن البلد “تحت الوصاية، لذا سيتحول اللقاء إلى ‘ذكرى’ أو استخدامه في أدوات الفوضى التي يُراد للجنوب أن يعيشها، واستخدام كل ذلك لإحياء موات الأقاليم أو للتهديد بتقسيم الجنوب.”
يربط الدويل بين هذا الحراك السياسي الهش، وحملات إعلامية متزامنة تستهدف المجلس الانتقالي الجنوبي، مُشيرًا إلى أن الهجوم المُمنهج عليه يُدار من قبل أطراف حزبية وقنوات وكتّاب وذباب إلكتروني، في إطار مشروع أوسع لإعادة إنتاج أوهام “وطن اليمن الكبير”. وفي هذا السياق، يقول بحدة: “ضجوا أحزابًا وقنواتٍ وذبابًا وكتابًا وحوائطًا ضد الانتقالي، وكأنه عدو لمطالب حضرموت على قول ‘رمتني بدائها وانسلت’، في محاولة إعادة إنتاج وهم وطن اليمن الكبير.”
لكن مشروع اليمن الكبير الذي يشير إليه الكاتب ليس مشروعًا وحدويًا كما يُروّج، بل منظومة تمييز اجتماعي ومناطقي متجذّرة. يقول: “يرسّخ الحوثي فيه مواطنة ‘القناديل والزنابيل’ الضاربة فيه منذ مئات السنين، ويمجدها الممجدون أنها تنوع يُراد لنا أن نكون جزءًا منه في الجنوب!! أو مواطنة ‘الرعوي، البرغلي، القبيلي، المواطنة التهامية’ الضاربة فيه… ويدلسونها أنها اختلاف لا يُفسد الانتماء.”
ويمضي الدويل في فضح بنية النظام اليمني، مستشهدًا بعبارة شهيرة للسياسي سلطان البركاني: “أما الالتزام بمواثيقه ودستوره فيكفي شهادة سلطان البركاني: ‘بخلع العداد’!! يمن كبير إذا استقال رئيسه تحول إلى ‘زعيم’ يهدم المعبد على الجميع!!”
أما بخصوص لقاء الهضبة نفسه، فرغم أنه كان يُؤمل فيه مشروع نوعي، إلا أن مخرجاته كانت محبطة، إذ يعلّق ساخرًا: “ظنناه مشروعًا وإن اختلفنا معه، فتمخّض الجبل فولد فارًا ميتًا على المثل الصيني.” ويستشهد بإفادة الناشط باوزير على قناة الحدث التي أكدت أن المشروع لا يعدو كونه إعادة تدوير لمشروع أقاليم الحوار، ليختصر النتيجة بالقول: “تي تي، تي تي، مثل ما رحتي جيتي.”
وفي الختام، يُحذر الدويل من التفسيرات الخاطئة للتباين داخل الجنوب، موضحًا أن “من تباينوا مع الانتقالي ليسوا مع ‘الضم والإلحاق’ أي ليسوا مع مشروع طرفيات أحزاب اليمننة.” ويؤكد أن هذا الاستنتاج قد ثبت فشله مسبقًا، قائلاً: “فليس كل ظاهرة تباين في الجنوب نجاحًا لمشروع اليمننة، ومع ذلك يوقدون الفتن، و’كلما أوقدوا نارًا للفتنة أطفأها الله’.”
ويختم مقاله بنبرة يملؤها التحدي والتفاؤل: “فالجنوب، رغم معاناته، يسير على الدرب وسيصل.”
بقلم:
هشام صويلح