مقالات

هل من إستراتيجية عربية لمواجهة التحديات؟!

كتب : علي عبدالله البجيري

برزت بعض المؤشرات الإيجابية في الموقف العربي تجاه القضايا الساخنة في العالم، ومنها الحرب الروسية – الأوكرانية والتوجه الدولي لإحلال التعددية القطبية في العلاقات الدولية، وحرية الخيارات التجارية الدولية، هذا ما يدفعنا إلى التساؤل فيما إذا هناك مساع جاده لتبلور استراتيجية عربية تجاه عموم القضايا الدولية، مستندة على ضمان حقنا في حماية أمننا القومي وديمومة السلام في منطقتنا العربية؟ هذه الاستراتيجية من وجهة نظري هي أحد تطلعات شعوبنا العربية التي منذ القدم تحلم بأن يحل الأمن ، وتستتب الأوضاع في منطقتها ويحل الاستقرار والنمو والازدهار في ربوعها. هذا الطموح لايمكن تحقيقه إلا بموقف عربي صادق تجاه القضية الفلسطينية. رغم علمنا بأن هناك من يسعون إلى خلخلة الموقف العربي الموحد تجاه القضية الفلسطينية، أكان من قبل بعض الأطراف الفلسطينية نفسها أو من قبل بعض الدول الواقعة تحت الهيمنة الأمريكية، هدفه اللحاق بركب التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وخلق علاقات شراكة تجارية واقتصادية ، بل والإحلال القسري لما أسموه بالاتفاقات “الإبراهمية”.
المخاطر الحالية للوضع الدولي جديرة بأن تقف أمامها الدول العربية وتداول معطياتها ومن ثم وضع رؤية عربية استراتيجية موحَّدة، نعم نحن جزء من عالم يشهد تحولات وتغييرات متسارعة بسبب الحرب الأوكرانية-الروسية وخطورة تحولها إلى حرب عالمية ثالثة،وهنا لابد من التذكير بما عانت منه الأمة العربية جراء الحربين العالميتين ، حيث كان بعضها ساحات حروب للآخرين، رغم أن العرب لم يكونوا طرفاً في الصراع، ولكن تداعياتها ومناطق جغرافيتها فرضت على أكثر من نصف مليون عربي الخوض في حروبها.
ففي الحرب العالمية الثانية دارت معركة العلمين في مصر. وامتدت ساحة الحرب إلى بلاد المغرب العربي، وبلاد الشام ووجد العرب أنفسهم يدفعون الأثمان الباهظة لحروب عالمية ليس لهم فيها ناقة ولا جمل. ولذلك لا ينبغي الذهاب وفق توجهات سياسية أمريكية هدفها الهيمنة والسيطرة على العالم ومنع قيام نظام دولي جديد متعدد القطبية. الوضع الدولي يشهد اليوم مجابهات ، بدءاً بالمنافسة، واحتمالات الوصول إلى المواجهة، فالعلاقات الأمريكية الصينية تتخذ أبعادا خطيرة ستنعكس على العالم أجمع، وبما أننا نحن العرب نعيش في منطقة تشكل بحكم جغرافيتها شريان الحياة ونقطة تواصل بين الشرق والغرب، إضافة إلى أننا مصدر أساسي للطاقة العالمية،فقد خيم هاجس الحرب على الدورة الـ159 لوزراء الخارجية العرب التي التأمت في القاهرة الأسبوع الماضي، وكانت الأسئلة الأكثر
إلحاحا، أين موقفنا نحن العرب من الأزمات الدولية الراهنة وطموحات الهيمنة، والدعوة لإنشاء نظام عالمي جديد،؟!.
تابعنا مناقشات المشاركين في دورة الجامعة العربية الـ 159،ولاحظنا استشعارالجميع بخطورة تداعيات الصراع بين روسيا والغرب، حيث يواجه العرب سؤالا تقليديا من الجهتين : ما موقفكم؟ وعلى أي الضفتين تقفون؟ وهذه التساؤلات تستدعي وضع إستراتيجية عربية موحّدة ترتقي إلى مستوى التحديات القائمة في منطقتنا والعالم وأخطرها الأزمات التالية : الحرب الأوكرانية-الروسية ، الصراع الصيني-الأمريكي ، أزمة الطاقة والغذاء العالمية، قضية المناخ، إضافة إلى القضايا المتعلقة بالمنطقة العربية، ومنها القضية الفلسطينية ووجود حكومة صهيونية متطرفه تمضي في إجراءات التهويد والاستيطان، وممارسة العنف المفرط ضد الشعب الفلسطيني.
الاستراتيجية العربية التي تداول العرب مؤشراتها في دورة المجلس الوزاري ستصمد في وجه التحديات وسيشتدّ عودها فالواقع يحتاج إليها ويتقبلها،ولنا خير مثال في المشهد الدولي كيف استطاعت دول “البريكس” أن تغدو أيقونة تنموية في سنين معدودة؟ فلماذا لا يكون للعرب استراتيجيتهم وتكتلهم الاقتصادي في عصر البقاء فيه للاقتصاديات والتكتلات الفاعلة.
خلاصة القول : إن من أولويات العمل العربي الموحد عودة سوريا إلى الجامعة العربية، كما كانت ، وإن الاتفاق السعودي-الإيراني الذي رعته الصين جاء في وقته تماماً؛ حيث تحتشد الأزمات الإقليمية والعالمية على وقع الحروب والتهديدات والحصار، ومنطقتنا في قلب هذه الأزمات، نأمل أن يؤدي هذا الاتفاق إلى وقف الحرب اليمنية، وتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية،ووقف التدخل في الشؤون العراقية، الاتفاق السعودي الإيراني يشكل خطوة هامة فإيران دولةإسلامية وهي الأقرب إلينا من الاتفاقات الإبراهيمية التي جاءت لتخدم مصالح أمريكا وإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى