مقالات

من سره زمن ساءته أزمان

كتب : عبدالله الصاصي

يمر زمان ويأتي زمان وتظل العجلة تدور تطوي زمان الشقاء والكدر ، وتمد زمان النعم ، يتيح الله الفرصة تلو الفرصة لأهله شعوباً ورواداً ، فإن عرفوا المعنى الحقيقي لوجودهم وعمروا الأرض وأحسنوا المعاملة فيما بينهم وهم ينشدون الحرص على إظهار الحقوق ورد المظالم ، واحترام من يحاددهم بالبذل وكرم العطاء بالعون والذي بدوره يزرع بذور الثقة المتبادلة بين الشعوب ادراكاً لمعنى التعايش السلمي وعدم التدخل في شؤون البلد الجار لأغراض الطمع والاستحواذ على مقدراته بدون وجه حق ، وفي حال تم العكس من ذلك ، ولا وجود لمن يعارض همجية المعتدي لا من الهرم القيادي ولا من أوساط المجتمع المنتمين للدولة المعتدية . فمن هنا يبدأ الانهيار بسبب التشريع للاعتداء الغير مبرر على الشعب الجار المسالم ، ومهما تكبر المعتدي وأخذته نشوة النصر وسره ماغتنمه من مال الآخر ليغدق به على حاشيته ومواليه ، ولم يدرك حينها أنه فتح النار على نفسه ومجتمعه في اليوم الذي دفعت به بطانته من مستشاري السوء بكيل من الأمنيات ، وتناسوا ثأر الشعب المجني عليه الذي لابد منه متى ماسنحت الفرصة للانتقام المكتوبة في سنن الكون التي يدركها المتزنون ويتجاهلها الغاوون .

وفي اللحظة المناسبة التي دائماً ما تأتي ولو بعد حين لمن وقع عليهم الظلم عندما يتم لملمة الشمل والتكتل وتشتعل نار الغيرة ، لأخذ الثأر ورد المظالم لأهلها وتدب الحركة وتتداعى الفئات للانصهار في موكب التحرير تتخطى الحواجز للوصول للهدف ، ومن اللحظة التي يتحول فيها زمان النعم للمنتصر إلى زمان يسوده الشقاء والكدر المؤدي للاختلال في عرش الدولة ، في مشهد يختلط خلاله الحابل بالنابل في ظل هيجان يسقط القلاع ، وبسقوط القلعة يدب الخوف في المدينة ، فيدفع أهلها للاستسلام ، فتتوالى الهزائم إلى أن تسقط آخر القلاع. ولازالت العجلة تدور وفي دورتها زمن جديد في انتظار أهله ورواده فيما سيفصحون عنه في حقبتهم الزمنية من خلال آلالية التشريعية لاستئناف مرحلة تتاح فيها الفرص لبناء الدولة التي تبني الإنسان قبل إعمار الديار فإن صلح المسار سادت الدولة وذاع صيت صلاحها ، وإن جاهرت بمخالفة معاني التكوين وقوانين الطبيعة وقدرة الخالق المكون فقد شرعت للانهيار وإن ظن روادها أنهم ماكثون مخلدون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى