مقالات

التعليم بين الماضي الجميل والحاضر المؤلم

كتب :
م . بشرى عباس

كان التعليم الأساسي في الجنوب ما قبل الاستقلال من المستعمر البريطاني ينقسم إلى ثلاث مراحل

1- أربع سنوات ابتدائي.

2- ثلاث سنوات متوسطة.

3- ثلاث سنوات ثانوي.

ويتحصل عليها الدارس على شهادة GCE من بريطانيا وكانوا يقولون عن الخريج إنه درس سبعة كتب، أي أنه أصبح يجيد اللغه الانجليزية بطلاقة كتابة ونطقا، والمقصود هنا أن مدة الدراسة وقدرها عشر سنوات.

وبعد الاستقلال عام 1967 م تم إضافة سنتين للمرحلة الابتدائية وأصبح نظام التعليم الأساسي كالتالي :

1- ست سنوات ابتدائي

2- ثلاث سنوات إعدادي

3- ثلاث سنوات ثانوية قسم ادبي/ وقسم علمي

أي أن الطالب يتخرج بعد 12 سنة من الدراسة.

المرحلة الثالثة وبدات في أواخر السبعينيات وقد تغير النظام التعليمي على النحو التالي :

1- المرحلة الموحدة ثمان سنوات أساسي

2- المرحلة الثانويه أربع سنوات

وقد عرف هذا النظام التعليمي ب (البولتكنيك) وهو ماخوذ عن النظام التعليمي الألماني.

جمهورية المانيا الشرقية سابقاً، والمقصود به ربط الدراسة النظرية بالجانب التطبيقي العملي لإكساب التلاميذ إلى جانب العلوم النظرية المهارات العملية، مثل النجارة، الميكانيكا، الكهرباء، البناء…. الخ وقد استجلب لتطبيق هذا النظام العديد من الخبراء التربويين الألمان ، ولكن للأسف لم يتم تطبيق هذا النظام (البولتكنيك) كما يجب، لعدم توفر الورش العملية الضرورية في كل مدرسة موحدة، ولذلك فقد فشل هذا النظام التعليمي فشلا ذريعاً خاصة في جانبه العملي.

المرحلة بعد الوحدة تم تطبيق النظام التعليمي في الشمال على محافظات الجنوب وهو كالتالي :

1- تسع سنوات المرحلة الأساسية

2- ثلاث سنوات المرحلة الثانوية علمي/ أدبي

أي يتخرج الطالب بعد 12 عام من الدراسة.

وحسب ما هو ملاحظ بأن مخرجات التعليم الثانوي أنها كانت أفضل من حيث المستوى الدراسي عندما كانت مدة الدراسة حتى الثانوية عشر سنوات، وعلى الرغم من إضافة سنتين للمرحلة الأساسية ، ولكنها لم تحقق أهدافها على مستوى خريجي الثانوية، خاصة النظام التعليمي ما بعد الوحدة، والسبب في ذلك حشو المنهج بأشياء ترهق ذهن الطالب أكثر من ما تفيده، وتحول التعليم إلى مجرد عملية تلقين، أي أن المعلم تحول إلى مجرد ملقن والطالب إلى مجرد متلقي سلبي، أي أن التعليم فقد هنا روح الإبداع والتواصل بين أركان العملية التعليمية برمتها (المعلم+ المنهاج الدراسي+التلميذ) وهذا الحشو في المنهاج الدراسي بقدر ما أرهق المدرس والتلميذ فقد تحول إلى عبء على الدولة والمدرسة والأسرة، فلا ندري ما الحكمة أن يكون في العام الدراسي الواحد كتابين لكل مادة، كتاب للفصل الأول وكتاب للفصل الثاني.

أولاً – وكما درسنا نحن أنه لكل مادة كتاب واحد على مدار العام، شريطة أن تلازم ذلك عملية التلخيص والتركيز على ما هو ضروري ومفيد ومستحدث.

ثانياً- أنني أرى ضرورة إعادة النظر في سنوات الدراسة لتكون مدة الدراسة حتى الثانوية عشر سنوات بدلاً من 12 سنة، وأن توزع مراحل الدراسة على النحو التالي.

1- ست سنوات ابتدائية

2- سنتين متوسطة

3- سنتين ثانوية عامة

وذلك للاسباب التالية :

إذا التحق الطالب في الصف الأول ابتدائي وعمره سبع سنوات فإنه سوف يتخرح من الثانوية وعمره 17 سنة وإذا ما أضفنا إليها فترة الانتظار للحصول على المقعد الجامعي مدة سنه أي أن الطالب سوف يتخرج من الجامعة مثلا بكلاريوس 22-23 سنة وإذا ما واصل الماجستير فإن عمره قد وصل 25-26 أما إذا فكر يحضر الدكتوراة مباشرة فإن عمره سيكون قد وصل الثلاثين سنة وهذا يعتبر سن متأخّر إذا عرفنا أن متوسط عمر الإنسان في البلد هو 35 سنة كما أنه إذا ما فكر الالتحاق بالعمل الحكومي فإن مدة الخدمة حسب قانون الضمان الاجتماعي 35 سنة بالنسبة للرجال والنساء على حد سواء.

ثالثاً- الاعتمادات المخصصة للتعليم والبحث العلمي في بلادنا تعتبر من أدنى المستويات على مستوى البلدان النامية وهذا يؤثر على العملية التعليمية والبحث العلمي، مما يتطلب فتح المجال للأذكياء والنوابغ للدراسة في الدول المتطورة علميا وتقنيا، وكلما قلصنا سنوات الدراسة الأساسية ، فإن ذلك يساعد هؤلاء الأذكياء والنوابغ أن يواصلوا دراستهم في الخارج بسن مبكرة وهي سنوات البذل والعطاء من عمر ثلاثين إلى خمسين.

رابعاً- ضرورة ابتعاث عدد من الكوادر التربوية الشابة ومن الجنسين لزيارة دول شرق آسيا ذات النهضة العلمية المتطورة مثل ماليزيا، اندونيسيا، سنغافورة، الصين، اليابان.

والاطلاع على تجاربها في مجال التربية والتعليم والاستفادة من هذه التجارب في إحداث نهضة تعليمية شاملة في الجنوب مستقبلاً.

هذه مجرد أفكار نطرحها لإثراء العملية التعليمية في الجنوب لما آلت إليه الأوضاع من تدهور واضح في العملية التعليمية، والمطلوب من أصحاب الشان من الخبراء التربويين والموجهين وأساتذة الجامعة والمعلمين والمعلمات وأولياء الامور المساهمة في النقاش وإثراء هذه الأفكار وتطويرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى