مقالات

تراث مهمل وحضارة عريقة في طي النسيان وتدمير

كتب :
رامي الردفاني

بذل أجدادنا القدماء الكثير من الجهد والدماء وخاضوا ، الحروب لبناء شواهد على إنجازاتهم العظيمة وقوتهم، نقشوا تاريخهم بذهب لا يُبلى ، تزيده القرون جمالا وثقلا.

هم تركوا كل شيء لنا لنفخر بأنتمائنا لهم ولما حققوه، فكيف يجب أن نحافظ على كنوز وطننا التاريخية والإنسانية؟

لا توجد قرية وعزلة في كل بلادنا إلا ولها معلم تاريخي يخفي بين طيات أحجاره الكثير، وللأسف أغلب السكان لا يدركون مدى أهمية تلك المباني القديمة وما يجدونه فيها أو في محيطها من نفائس تاريخية خزف أو معادن ومنحوتات، فكل قطعة تروي حكاية أو تكمل مجموعة لغز محير عاصرة أجدادنا منذ وطأتهم الأرض التي شيدوا عليها القصور والقلاع والحصون العتيقة.

ولذلك يجب علينا الحفاظ على كل مبنى وكل قطعة صغيرة أو كبيرة ثمينة أو عادية، فهي جزء من أمجاد شعبنا وعراقته.

إن أرضنا بكر لم يستكشف منها سوى القليل جدًا ، وكل ذلك الجمال موجود تحت الركام والتراب والرمل مايدهش العالم، وإن كشفت بعض الكنوز عن نفسها أو كانت ظاهرة يجب العناية بها والحفاظ عليها كونها جزء من ذواتنا جزء من وطننا وحضارته وهويته.

للأسف هناك نقص توعوي وجهل طاغ في مجتمعنا حول الآثار والمعالم التاريخية، فهناك من يهدم حصون وقصور ومنازل عتيقة يصل عمرها لمئات السنين إن لم تكن آلاف، ليبني من أحجارها حظائر للحيوانات أو سور بسيط، وهناك من يجدد في المباني القديمة ويستبدل كل ماهو قديم كالنوافذ والأبواب والزخارف بلا اهتمام بالترميم والإصلاح.

الأسوأ من ذلك أن كل شخص يجد مكانا أثريا يسارع للتنقيب فيه ، واستخراج ماهو ثمين ويخرب كل شيء يراه أمامه بلا قيمة لعدم خبرته لما بين يديه وكيف يستخرجه، وكثر في هذه الأيام التنقيب العشوائي في كل مكان في المدن والقرى والجبال والسهول دون رقابة من الجهات المختصة ولا إرشاد توعوي حول أهمية الآثار التاريخية في واقع تاريخنا الماضي، وهذا الأمر عزز ونشط تجارة الآثار وتهريبها وبيعها في الأسواق السوداء المحلية والدولية وكسب ثروات منها.

إن واقع البلاد المنهكة بالحروب الذي نتج عنه واقع البعد من الجهات المسؤولة عن الاهتمام بالآثار والتراث مما وجد متطفلي الجهل والجهلاء أن يعيثون بالأرض بالتنقيب الجائر للقطع الأثرية كانت مجوهرات أو عملات أو أجسام فيها نقوش متنوعة وقديمة يقوم من يجدها ببيعها في سوق الحراج بأبخس الأثمان من أي شخص وكأنها لا شيء.

ولذلك نقول للقيادة أن خروج الآثار وتهريبها إلى الخارج هو بمثابة طمس تاريخنا وفخرنا وهويتنا ووطننا يباع في الأسواق السوداء، ويهرب للخارج أمام أنظار الجميع في صمت وعجز عن إيقاف تنامي جماعات المهربين تجار الآثار، سيأتي وقت نتحسر على كل حجر ونقش ودرة أضعناها وتركناها تنهار وتضيع.

يجب على المتعلمون والمثقفون في الأرياف والعزل توعية الناس بأهمية الحفاظ على كنوزهم التاريخية وأهميتها وقيمتها الإنسانية وترميمها كما يجب، واستشارة مختص في حال عثر على شيء قديم مهما كان زمنه ونوعه وعدم العبث به وعلى الجهات المعنية توعية الجميع في كل مكان بما يعني الآثار والتاريخ ، والحرص على كل ما يوجد وما هو مخفي ويظهر ببطئ.

كما ندعو الحكومة للتعاون وضبط السماسرة والمهربين والعابثين بتاريخ أمة عظيمة ومعاقبة كل من ينقب بعشوائية وكل من يتاجر ويهرب كنوز وطنية لا تقدر بأموال وثروات العالم.

وأخيرا ندعو الجميع بنشر الوعي والتثقيف والضبط والاهتمام الجيد بالتاريخ والتراث والآثار، أو سينهار ويختفي كل ماقيل وعمل أجدادنا العظام وسنكون منسيين لا حاضر ولا مستقبل لنا، وسنكون ذكرى على هوامش باقي الأمم والبلدان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى