مقالات

على أعتاب الأمل

كتب:
نوال أحمد

في قلب الجنوب الجريح، تتعانق ألوان الحزن مع ظلال الرماد، بينما تنعكس أرواح ضائعة في أنغام الأمل المنكسرة تحت وطأة الجوع والفقر المدقع. قلوبٌ كبحر هائج، تتوق إلى قائد يضيء لهم الطريق، كما أشرق نجم يوسف في سماء مصر، مُخلِّصًا أمته من براثن القحط، مُنعشًا آمال المحرومين وطامحين إلى السلام.

متى نفيق من غفلتنا ونكتشف ذواتنا من جديد؟ أليست قصص الأجداد مليئة بالحكمة التي تهدي سُبل الإنقاذ؟ إن قصة يوسف ليست مجرد حكاية؛ إنها دروسٌ تُلهم القلوب بأن الشجاعة والإخلاص يمكن أن يتجاوزا الشدائد ويخلقوا من الضيق أبوابًا للأمل. شابٌ أغنى خزائن وطنه بعرق جبينه، مؤمنًا بأن كل أزمة تحمل في طياتها بوادر الأمل.

لكن أين نحن اليوم وسط تحديات باتت تُخيم على حياتنا؟ ويظل السؤال مُلحّاً: أين القادة الذين يُزهّرون دروب العدل برأفة وحكمة؟ هل غاب ضوء العدالة عن سماء الجنوب؟ تحت وطأة ظروف قاسية، نجد أنفسنا كفراشات مُحبطة تعيش على حافة الخيط، تُناجي أحلام الخلاص وسط أمواج البؤس.

إلى متى ستظل جراح المحتاجين مُهملة، كأنها قصص تُروى بلا أساطير؟ لماذا لا نرفع راية الأمل ونغرسها في قلوبنا، فتتفتح كزهورٍ بديعة في بستان الحياة؟ أليس من حق كل إنسان أن يعيش بكرامة، بعيدًا عن خوف الغد الذي يُخيم عليه شبح الجوع؟

الحاكم العادل هو من يُدرك أن العدالة ليست مجرد كلمات تُكتب، بل هي روح تُنعش القلوب وتعيد لها أنفاس الحياة. كيوسف الذي أدار شؤون مصر بحكمة وبصيرة، يمكننا في الجنوب أن نجعل من مواردنا سبيلاً للغنى والفرح، حيث نتكاتف ونهدم الحواجز لنصنع مستقبلًا مشرقًا.

عندما حلت الأزمات في مصر، كان يوسف مثال القيادة المتزنة؛ نورٌ يُضيء دروب الحياة، أنشأ نظامًا زراعيًا يُغدق خيرات الأرض على الفئات الضعيفة. كل حبة تُزرع كانت تُسطِّر تاريخًا من التلاحم؛ “معًا ننجو”، شعار نبضت به قلوب الناس، يتكاتف هؤلاء كعائلة، مستمدين قوتهم من الأخوة.

لكن في الجنوب، ما زلنا ننتظر أيدٍ كريمة تتجاوز خيبات الأمل لتزرع الأمل في نفوس المحرومين. نحن في حاجة ماسة لقائد يمتلك من الحكمة والرؤية ما يكفي لتحويل المحن إلى فرص، ليزرع أسمى معاني التوظيف الذاتي في الإنسان.

وفي ختام هذه الكلمات، يظل سؤالٌ مُلح يقرع أبواب العقول: متى ستزهِر آمالنا من جديد؟ لقد آن الأوان لأن نبرز في زمننا هذا تجسيدًا يُشبه يوسف، ليجمعنا على أحلامٍ سامية تُزهر في بساتين الحياة. دعونا نُصيغ معًا مستقبلًا جميلاً، ونبني جسور الثقة والتآخي، لنجعل من الجنوب حديقةً غنّاء تعكس معاني الرحمة والخير، حيث تُنبت كل مأساة بدايةً مشرقة.

لنستمع لنبض الجوعى ولنجعل من أصواتهم منارةً لهدينا. دعونا نبدأ الآن، نُحلق بأحلامنا في سماء الواقع، مستلهمين من حكمة يوسف، مُضيئين سماء الجنوب بألوان الأمل والتفاؤل. سنعيد الحياة إلى الأرض ونكتب قصصًا مشرقة في حكايات أبناء الجنوب، قصص تنبض بالأمل وتوقظ في القلوب أحلامًا ما زالت منتظرة للإزهار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى