مقالات

حضرموت ومفترق الخيارات… قراءة في مقالة “بعد أن خفت ضجيج الهضبة”

بقلم:
هشام صويلح
صحفي جنوبي

أطل الكاتب والمحلل السياسي صالح علي الدويل بمقاله “بعد أن خفت ضجيج الهضبة” ليقدم قراءة عميقة وهادئة لما دار ويجري في المشهد الحضرمي والجنوبي عموماً. ولعل أهمية المقال لا تنبع فقط من توقيته، بل من كونه يضع النقاط على حروف الأزمة الحضرمية دون مزايدة، ويوجه بوصلة النقاش نحو جوهر ما تحتاجه حضرموت اليوم: الاتزان والوضوح في الرؤية.

حين تنخفض الأصوات ويعلو العقل

يرى الدويل أن خفوت ضجيج لقاء الهضبة لا يعني انتهاء المعركة بقدر ما يمثّل ناقوساً لتحذير مبكر يدعو إلى إعادة قراءة المشهد الجنوبي برمّته. يقول في مفتتح مقاله:

“خفت ضجيج لقاء هضبة حضرموت وينبغي قراءته باعتباره ناقوس تحذير يوجب إعادة قراءة وتحليل المشهد الجنوبي كله بمعزل عن مؤامرات الآخرين وتدخلاتهم – مع وجودها – قراءة متوازنة.”

 

ويُعلي من قيمة الحكمة الحضرمية في التعاطي مع الخلافات، مشدداً:

> “فالحضارم بكافة توجهاتهم السياسية أهل حكمة، ويجب احترام أي شخص أو مكون سواء في حضرموت أو غيرها خرج بشكل سلمي يطالب بحقوق محافظته.”

 

حضرموت ليست ساحة للمناورة

بحسب الدويل، فإن التحركات التي يشهدها الشارع الحضرمي ليست جديدة، ولا تشكّل قلقاً بذاتها، بل ما يُقلق هو ما يُنقل ويُستثمر حولها إعلامياً وسياسياً. يذكّر بأن مثل هذه الدعوات سبقتها مشاريع كـ”أقاليم حوار صنعاء” التي لم تنجح في كسب الثقة الشعبية:

> “اجتماع بن حبريش لا يثير قلقاً بحجم ‘ما نقل من كلام حوله’ فقد سبقته دعوات مشابهة تروّج ‘لأقاليم حوار صنعاء’.”

ويحذر من خطورة تحويل الخلافات إلى أدوات هدم:

“الاختلاف يظل ظاهرة صحية إذا كان تحت سقف لا يؤثر على السلم الاجتماعي ولا يكون تحت سقف معادي بعنوان حقوقي، ولا يضر بمصالح المواطن.”

ويستكمل رؤيته السياسية للواقع الحضرمي بتأكيد واضح:

“حضرموت لن تقبل ترسيخ عقلية الحق المطلق لأي طرف… تحتاج شراكة ولن تقبل مغالبة.”

 

تحذير من استنساخ الموت السياسي

يقرأ الدويل رمزية الشيخ عمر بن حبريش بشكل لافت، إذ لا ينكر مكانته، لكنه يشير إلى إدراكه المعادلات الكبرى:

“الشيخ عمر بن حبريش صاحب مكانة في قومه ويعلم قبل غيره هذه الحقائق ويعلم استحالة إحياء موات أقاليم حوار صنعاء.”

 

ويضيف:

> “ويعلم ضرر القطيعة مع الجنوب مهما غالت به الظنون والحسابات.”

 

ثم يعود ليضع حضرموت في سياقها الجنوبي التاريخي والثقافي والسياسي:

> “مشروع الجنوب لم يُفرض على حضرموت، بل انطلق من بنيتها وسياقاتها التاريخية والثقافية وامتدادها التاريخي… منذ تأسيس العمل الوطني المناهض للاحتلال البريطاني في خمسينات القرن الماضي، ثم في العمل الوطني المناهض للاحتلال اليمني بعد اجتياح 94.”

 

ويرى أن مهاجمة المجلس الانتقالي الجنوبي ليست في صالح حضرموت:

“الانتقالي مشروعه واضح… دولة جنوبية فيدرالية تحترم حق وخصوصية كل محافظة، وهو مازال يسعى وليس حاكماً يعطي ويمنع.”

 

ويختم موقفه برؤية صلبة حول من ينهب حضرموت فعلياً:

 

> “الانتقالي لم ينهب ثروات حضرموت وينتهك حقوقها، ولن يقف ضد مطالبها، فأهل حضرموت يعلمون من فعل ذلك وما زال يفعله في أرضهم.”

 

الجنوب من حضرموت… وإليها

في ختام تحليله، يدعو الدويل إلى تجاوز منطق الصراع اللحظي، والارتقاء إلى مستوى المصلحة العامة، التي لا تنفصل فيها حضرموت عن جنوبها ولا يُختزل الجنوب دونها. فكما كانت حاضرة في كل لحظة مصيرية جنوبية، تبقى اليوم بحاجة لتكامل داخلي يقودها إلى شراكة لا إلى انقسام. وحضرموت، كما يراها الكاتب، ليست رقماً في معادلات الغير، بل جوهر في معادلة الجنوب القادم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى