آداب و ثقافة

بوك توك”.. ظاهرة افتراضية جديدة تنعش مبيعات الكتب عالمياً

  • سمانيوز / ثقافة

فوجئ مؤلفون ودور نشر كبيرة وأصحاب مكتبات وشركات تسويق في بريطانيا والولايات المتحدة، بانتعاشة كبيرة في مبيعات إصداراتهم التي سبق نشرها، دون معرفة السبب الحقيقي وراء ذلك، ما دفعهم للبحث عن حلٍ للغز.
وأبدت الكاتبة الأميركية إي لوكهارت، اندهاشها عندما اعتلت روايتها “نحن الكذابون”، الصادرة في 2014، قائمة الكتب الأكثر مبيعاً للعام الحالي، وقالت لصحيفة نيويورك تايمز: “شعرت بالسعادة والحيرة معاً، ولم يكن لديّ أي فكرة عما يحدث، لكن أطفالي أخبروني بأن الرواية يتم تداولها عبر هاشتاغ منتشر بشكل واسع يحمل اسم “بوك توك” (#BookTok)، من خلال منصة “تيك توك”.
التطبيق المعروف الذي لم يكن يوماً وجهة لهذا النوع من المواد الثقافية المتعلقة بالرواية والفلسفة والشعر وغيرها، تحول في فبراير الماضي، إلى مجتمع شهير للترويج للكتب والقراءة، على يد المراهقتين البريطانيتين ميراي لي (15 عاماً) وشقيقتها إلودي (13 عاماً)، عبر حسابهما alifeofliterature أو (حياة أدبية)، حيث تقومان بنشر فيديوهات قصيرة جذابة عن أبرز الروايات وترشيحاتهما لها.
وحصد وسم “بوك توك”، الذي حصد 6 مليارات مشاهدة خلال الأسابيع الأخيرة، بحسب موقع الراديو والتلفزيون السويسري “RTS”، من بينها 146.1 مليون مشاهدة، حصل عليها فيديو قصير عن رواية الخيال العلمي الموجّهة للمراهقين “ستّة من الغربان” (Six of Crows) للكاتب لي باردوغو.

كيف ظهر “بوك توك”؟

منذ تأسيسه عام 2017، انتشر “تيك توك” كمنصة شعبية لنشر مواد مسليّة على اختلاف أنواعها، إلّا أن الملل الناجم عن جائحة كورونا، دفع المراهقتين البريطانيتين إلى تحويله إلى مجتمع ثقافي، عبر حسابهما الذي سرعان ما جذب أكثر من 200 ألف متابع.
وبدأت الأختان اللتان تعيشان في برايتون بإنجلترا، في نشر فيديوهات لا تتعدى 45 ثانية، تتضمن صوراً ممنتجة مع خلفية موسيقية من وحي الكتاب محور الحديث، تحت هاشتاغ “بوك توك”، أو تصوير نفسيهما وهما تتحدثان عن موضوع رواية أو تُمثّلان أو تبكيان جراء تأثرهما بما تقرآن، مع خلفيات موسيقية، فنجحت تلك الطريقة في جذب ملايين المشاهدات حول العالم.
وخلال أسابيع قليلة، تطوّر محتوى الفيديوهات، ليتضمن مشاهد تمثيلية فعلية “كوميدية، تنكرية، درامية” تحاكي الرواية أو تيمة الكتاب موضوع الحديث، وذهبت فيديوهات أخرى لقراءات مباشرة، أو نقد لكتاب ما، أو توصيات بقائمة كتب يراها صاحب الفيديو مهمة.

مبيعات جنونية

وذكر موقع “Evening Standard” البريطاني، أن رواية (أغنية أخيل) “The Song of Achilles” الصادرة في 2011 للكاتبة الأميركية مادلين ميلر، والفائزة بجائزة “Orange Prize” المرموقة عام 2012، احتلت أشهر قوائم “بوك توك”، ما رفع مستوى مبيعاتها إلى 10 أضعاف، وحصد الفيديو الخاص بها 30 مليون مشاهدة.
وأوضح الموقع أن الرواية بيعت منها 1500 نسخة في بريطانيا خلال الأسبوع الماضي فقط، بزيادة قدرها 240% مقارنة بالأسبوع نفسه من العام الماضي، وتحتل الآن المرتبة الثالثة في قائمة أفضل الكتب مبيعاً في قائمة “نيويورك تايمز” للأدب الورقي.
وبحسب “نيويورك تايمز”، لاحظت شركة “NPD Book Scan” التي تسجل وتراقب مبيعات الكتب في الولايات المتحدة، أن 10 آلاف نسخة من الرواية نفسها تُباع أسبوعياً في الولايات المتحدة، بمعدل 9 أضعاف ما كانت عليه عند إصدارها.

سوق جديد

وشكّلت ظاهرة “بوك توك”، صدمة غير متوقعة لمجتمع صناعة النشر، الذي يبذل جهوداً كبيرة من أجل التسويق وتحقيق المبيعات، إلا أن فكرة افتراضية نجحت خلال أسابيع معدودة في تحقيق مجهود سنوات، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”.
وأدرك الناشرون في الولايات المتحدة وبريطانيا، أن هذه الظاهرة، ربما تُعيد الكتاب إلى مكانته، ما يدر عليهم أرباحاً كبيرة، فدفعهم ذلك إلى التواصل مع المؤثرين على “تيك توك” لتقديم كتب وروايات مقابل الدفع لهم.
سيلين فيليز، إحدى المؤثرات على هاشتاغ “بوك توك”، وتُعرف باسم “moongirlreads”، قالت في تصريح لها إنها “كانت تتلقى مبالغ مالية، لتقديم روايات معينة إلى متابعيها البالغ عددهم 139 ألف متابع”.
وأشعل تصريح سيلين، جدلاً واسعاً بين المتابعين والمؤثرين على “تيك توك”، فالبعض اعتبر أن المحتوى هدفه جني المال، فيما قال البعض الآخر إن التصريح مهين بحقهم لأنهم يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم من أجل متعة القراءة، ومنهم من قال إنه يوظّف هذه الفيديوهات في خدمة قضايا إنسانية ملحة تتعلق بالصحة النفسية والعقلية والعرق والتمييز الجنسي، وفقاً لـ”نيويورك تايمز”.

أهمية الكتاب

وقالت لورانس ألّارد، وهي عالمة اجتماع وباحثة في جامعة السوربون بباريس لـ “RTS” إن “نجاح (بوك توك) وتحوّله إلى ظاهرة، يفسّر أن الكتاب لا يزال مادة أصيلة وعريقة وعصرية في الوقت نفسه، وأن سياق جائحة كورونا كان مواتياً لإعادة اكتشاف هذه المادة”.
وأضافت: “الكتاب مادّة من الجيّد إبرازها وعرضها كمفهوم أو كثقافة أصيلة تستحق تسليط الضوء عليها في وقت أصبحت فيه الشاشة الذكية مبتذلة تماماً”، حسب تعبيرها.
ورأت الباحثة أن تأثير “تيك توك” يبلغ 10 أضعاف غيره من طرق الانتشار، بسبب التكرار القادر على تحويل فيديو الكتاب المقدم إلى كورال شعبي أو أغنية صغيرة تنتقل بسرعة فائقة من مستخدم لآخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى