الجنوب العربيالسلايدر الرئيسيتقارير

الإعلاميات الجنوبيات… «أيقونة» النضال والمناصرة لقضية شعب الجنوب

سمانيوز-شقائق/ تقرير/ حنان فضل

شكّلت المرأة الجنوبية في الماضي والحاضر حضوراً متميزاً في الدفاع عن حقوق ومناصرة قضيتها، فالمرأة الجنوبية لعبت دوراً محورياً فما بالك إذا كانت إعلامية جنوبية إذا جعلت من قلمها وكلماتها سلاحاً ضد العدو ومع قضيتها.
ويأتي دور الإعلاميات الجنوبيات في الماضي من خلال المدافعة عن أرضها ووطنها إلى يومنا هذا، ومازالت ترسم أجمل ملامح النضال الأسطوري في كلمتها ووقوفها مع أخيها الرجل لإظهار حقوق كل أبناء الجنوب، ولم يكن اليأس يعرف طريقهن بل زاد هذا إصرارهن لمواصلة مشوارهن النضالي، فالمرأة سواء كانت الإعلامية أو العاملة في مجالات أخرى تعتبر أيقونة النضال في الماضي والحاضر والمستقبل.

تأثيرهن وصل إلى الخارج:

تقول الأستاذة نادرة عبدالقدوس، رئيس اللجنة الإعلامية بالجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي:
يحدثنا تاريخ النضال السياسي والاجتماعي والثقافي والإعلامي في عدن، حاضرة التنوير الفكري وحاضنة التنوع الثقافي والديني والسياسي…الخ، عن الدور البارز للمرأة العدنية، منذ أواسط ثلاثينيات القرن العشرين، ليمتد نشاطها الاجتماعي، الخيري والإنساني، إلى منتصف أربعينياته، حين أعلنت عن ذاتها وجهرت بصوتها عالياً، رافضة سياسة القمع والاضطهاد التي كانت تمارسها سلطات الاحتلال البريطاني في عدن، ضد شعب الجنوب، من خلال تصدُّرها المظاهرات الجماهيرية العفوية والمنظمة، رافعة شعارات مناهضة للاحتلال وتطالبه بالرحيل عن الجنوب العربي الحر، وكذلك من خلال الانخراط في بعض الأحزاب التي كانت تمارس نشاطها السياسي والفدائي سراً، حيث تقوم بنشر الوعي السياسي بين صوف النساء، ربات البيوت، وفي أوساط طالبات وتلميذات المدارس، وفي توزيع المنشورات المطالبة بطرد الاحتلال وتحقيق الاستقلال الوطني الناجز. كذلك ظهرت الإعلامية التي كتبت وأعلنت عن رأيها في الصحف المختلفة التي ظهرت آنذاك، وكانت أول من كتبت في الصحافة العدنية، المناضلة الجسورة، رضية إحسان الله التي كسرت حاجز العيب والنظرة القاصرة عن المرأة، وفتحت آفاقاً واسعة أمام رفيقاتها وبنات جنسها الأخريات لتخرج أعداد من المناضلات السياسيات والكاتبات والمبدعات في الساحة الأدبية والفنية والرياضية…الخ.

وتواصل عبدالقدوس حديثها: ذاع صيت المرأة العدنية ليصل إلى المناطق الجنوبية القريبة من عدن، ويمتد إلى مناطق أخرى ويغطي معظم الحدود الجغرافية للجنوب، بل إن تأثير نضال المرأة الجنوبية وصل إلى خارج حدود الجنوب العربي، ليشمل تعز وصنعاء وغيرهما من مناطق الشمال.

وتشير عبدالقدوس بالقول: كان دور المرأة الإعلامية بارزاً في الكتابات السياسية عبر الصحف المختلفة التي كانت منتشرة في مدينة عدن. وعند تأسيس مجلة (فتاة شمسان) في الأول من يناير عام ١٩٦٠م، برزت (الأقلام الناعمة) في صفحات المجلة لتعبر فيها عما يختلج في نفسها من مشاعر الحب للوطن الغالي، والرغبة في الانعتاق من ربقة الاحتلال البريطاني الذي جثم على شعب الجنوب طوال ١٢٨ عاماً، عانى فيها أصناف القهر والذل والهوان.
كما عبرت عن قضية المرأة العدنية خصوصاً والجنوبية عموماً، وطالبت بتحرير المرأة من الأمية الأبجدية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكانت رائدة النضال في هذا الجانب السيدة ماهية نجيب، مالكة ورئيسة تحرير المجلة، والتي لم تكل ولم تمل من الكتابة في شأن المرأة، طوال ست سنوات، هو عمر المجلة التي أُغلقت بعد الاستقلال كغيرها من الصحف والمجلات والمطبوعات كافة للأسف.
كتبت السيدة ماهية نجيب تقريراً مفصلاً وضافياً عن واقع المرأة العدنية، وعن العاملات في بعض المهن والوظائف التي كانت موجودة في تلك الفترة، وقد حملته معها إلى المؤتمر الأول لنساء آسيا وأفريقيا الذي انعقد في العاصمة المصرية القاهرة عام ١٩٦١م، بحضور زعيم العروبة الخالد جمال عبدالناصر، وعرّفت الآخرين بواقع المرأة الجنوبية ومطالبتها بالتحرر كشعبها التواق للاستقلال.

ولعبت المرأة الإعلامية الجنوبية دوراً ريادياً وبارزاً في النضال من أجل انتصار قضية شعب الجنوب، من خلال وسائل الإعلام المختلفة. وعند تأسيس إذاعة عدن في أغسطس من عام ١٩٥٤م، كانت الإعلامية والمذيعة الأولى فوزية عمر أول من تحدثت إلى جمهور المستمعين، ثم جاءت الإعلامية ماهية نجيب لتعد وتقدم برنامج (ربات البيوت)، ورافقها عدد من الأصوات النسائية، وكان الجميع يعمل بمجهود ذاتي وطوعي وبدون أي مقابل مادي، إذ كان كل ذلك حباً في النشاط الإعلامي وتقديم رسالة توعوية إلى فئات المجتمع المختلفة، وليس للبحث عن الشهرة أو المال. وكذلك الحال عند تأسيس تليفزيون عدن في سبتمبر ١٩٦٤م.

توالت السنون، ليشهد الجنوب استقلاله المؤزر في نوفمبر ١٩٦٧م، حيث شهد أيضاً تطوراً ملموساً في المجتمع، من خلال انخراط المرأة وبكثافة في مجالات العمل المختلفة ومنها الإعلام بأقسامه الثلاثة (المقروء، المسموع، المرئي)، وحرصت الدولة على ابتعاث عدد من خريجات الثانوية العامة للدراسة الجامعية التخصصية في الخارج ومنها الصحافة والإعلام، وقد تخرجت العديد من الإعلاميات وتوظفن في صحيفة ١٤ أكتوبر، وفي تليفزيون عدن وإذاعة عدن، وكانت الإعلامية رضية شمشير أول من حظيت بمنصب سكرتير تحرير مجلة الثقافة التي كانت تصدر عن وزارة الثقافة في ج. ي. د. ش وذلك عام ١٩٧٤م.
وكان لي الشرف أن أكون أيضاً من محرري وكتّاب صحيفة ١٤ أكتوبر منذ أغسطس ١٩٧٤م، ونالني الشرف أيضاً في أنني أول من بدأ الاستطلاع والتحقيق الصحفي في الصحيفة، والكتابة في الصفحة الرياضية بدعم وتشجيع من رواد وأوائل العمل الصحفي آنذاك. ثم كنت إحدى ثلاث مبتعثات ممن غادرن للدراسة الجامعية في مجال الصحافة في روسيا، وكان ذلك أول ابتعاث خارجي لإناث في تخصص علم الصحافة.
كما كانت لنا شرف المساهمة في تأسيس مجلة (نساء اليمن) الناطقة بلسان حال اتحاد نساء اليمن في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عام ١٩٧٥م، وكذلك شرف المساهمة في إعداد وتقديم برنامج الأسرة والمجتمع، مع الأستاذة نور باعباد، في تليفزيون عدن في نفس الفترة، حتى مغادرتي عدن إلى موسكو للدراسة.
ستظل القضية الجنوبية هاجسنا الذي لن نحيد عنه، وسنناضل من أجل انتصارها من خلال كتاباتنا ونشاطنا الإعلامي في مختلف وسائل الإعلام التقليدي والعصري (التواصل الإلكتروني)، ومن خلال المجلس الانتقالي الجنوبي (الجمعية الوطنية)، ولن يهدأ لنا بال حتى يتحقق الاستقلال الثاني، بفك الارتباط واستعادة دولة الجنوب بحدودها السيادية المعروفة قبل ٢٢ مايو ١٩٩٠م.

الإعلاميات تجاوزن العقبات:

فيما تقول الصحفية آزال رأفت:
الإعلاميات الجنوبيات هن أيقونة النضال ومناصرات القضية الجنوبية، هن الأخوات اللاتي فُجعن برحيل سندها بالحياة، والزوجة ورفيقة الدرب والنضال، وهي المقاومة الأسيرة التي قضت سنين حياتها مدافعة عن قضيتها وأهلها، وهي جزء لا يتجزأ من نضال شعب لا يكل ولا يمل من طلب حريته وأبسط حقوقه التي حُرم منها.
وندرك جميعاً أن عمل الإعلاميات في أكثر الدول لا يخلو من المخاطر والانتهاكات، ويتضح ذلك في الأضرار النفسية والاجتماعية والمهنية، وتقييد تحركاتهن والحد من نشاطهن، وهذا بدوره يؤثر على أدائهن المهني وتضييق مساحة الحرية عليهن، فالكثير من الإعلاميات خلال فترة الحرب خضن الكثير من المواقف الصعبة لأجل البقاء والصمود على مبدأ ثابت ألا وهو حياة كريمة.

فالإعلام ليس مهنة أو وظيفة، بل هواية وشغف ومهارة وعشق وتحدٍ وتجاوز للعقبات، والمهام الإعلامية بطبيعتها متجددة ومتغيرة في كل لحظة، وهذه ميزة تقود إلى مراحل متقدمة من الإتقان والإعداد وتراكم الخبرات ورصد النتائج.

تسخير أقلامهن الحرة للقضية الجنوبية:
وأما الإعلامية والناشطة المجتمعية أفراح الحميقاني فتقول:
إن الإعلاميات الجنوبيات يلعبن دوراً فعّالاً في نصرة القضية الجنوبية، ويظهر ذلك جلياً في تسخير أقلامهن الحرة للكتابة عن تاريخ القضية الجنوبية وتسليط الضوء عليها، لذلك يحتفظ لنا التاريخ بأسماء أضاءت صفحات الجنوب عامة والعاصمة عدن خاصة، كمثل ماهية نجيب رائدة الصحافة النسوية وصاحبة صحيفة “فتاة شمسان”، والتي كانت لها عدة صفحات تتحدث عن المجتمع الجنوبي العدني في فترة الاحتلال البريطاني، وكانت لها صولات وجولات، أيضا رضية شمشير وهي أول من تخرج من كلية الإعلام كصحفية، وكانت صاحبة نضال سياسي، وأيضاً نادرة عبدالقدوس التي تتحدث كثيراً عن القضية الجنوبية. ونتمنى للإعلاميات المضي قُدماً في طريق نصرة القضية الجنوبية.

الإعلامية الجنوبية وشرف النضال:

فيما المذيعة والإعلامية الجنوبية ليان صالح تقول:
لقد سجلت الإعلامية الجنوبية حضوراً لافتاً ومشرّفاً على مستوى الساحة الإعلامية الجنوبية، بالدفاع عن تطلعات وآمال شعبها ونصرة قضاياه.
ومثّل حضورها دعماً قوياً لإبراز ذلك النضال الثوري التحرري، الذي لم يكن وليد اللحظة بل كان نتاجاً لإيمان الإعلامية الجنوبية بعدالة قضيتها، واستشعاراً لمسؤوليتها الوطنية إزاءَ كافة القضايا المحيطة بشعبها.
لقد كان ومازال عملها النضالي بسلاح الكلمة التي لا تقل أهمية عن البندقية في الميدان رديفاً لكل منعطف سياسي نضالي يمرّ به الجنوب، على امتداد تاريخه النضالي الطويل.

إنّ التعامل مع الواقع وتطويره، حسب المعطيات النضالية والسياسية، هو هاجس الإعلامية الجنوبية، واستطاعت أن تخطو خطواتٍ واثقةً وراسخة، معبرةً عن تطلعات وآمال شعبها الجنوبي المتطلع للغد المشرق الوضّاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى