آداب و ثقافة

«زائر من النجوم» قصة لـ عيشة صالح محمد

سمانيوز/خاص

في أبعد ركن من المجرة، على كوكب بعيد، عاش كائنٌ فضائيٌ لطيفٌ يُدعى زيلوب. كان زيلوب يمتلك مركبةً فضائيةً رائعة تُمكّنه من السفر بين الكواكب بسرعةٍ فائقة.

لكن في إحدى رحلاته، وأثناء استكشافه للفضاء اللامتناهي، تعرضت مركبته لعطل فني مفاجئ وضاعت وسط الأجرام السماوية.

وجد زيلوب نفسه في موقف لم يتوقعه أبدا، حيث أصبح تائها في مكان مجهول بعيدا في الفضاء. ولسوء الحظ، لم تكن أجهزته الفضائية قادرة على تحديد الموقع بدقة.

“يا إلهي … أين أنا الآن؟”

نظر حوله بحيرة وخوف، وبينما كان ينظر إلى النجوم والكواكب، لاحظ كرة براقة تلمع في البعد. هذه الكرة الزاهية هي كوكب الأرض.

دون أي وقت للتفكير، بدأ زيلوب في التوجه نحو الكرة الزرقاء المشعة، أملا في العثور على مساعدة أو موطن جديد. وهكذا، بدأت مغامرة زيلوب في البحث عن مأوى في عالمٍ جديد يُدعى الأرض.

لم يكن يعلم زيلوب ما الذي ينتظره وما هي المغامرات التي ستكمن في انتظاره على هذا الكوكب الغريب.

بعد أن هبط زيلوب على سطح الأرض، وجدها مكانًا غريبًا جدًا بالنسبة له. لقد هبط على جبل قمته عالية ومسطحة، وفيه أعشاب ونباتات مختلفة، بعد التجول فوق سطح الجبل ترك مركبته هناك ونزل، فوجد نفسه وسط مدينة مكتظة بالناس. كان يغطي رأسه برأس الجاكيت، ويخفي ملامحه الغريبة خلف الكمامة، يبدأ في استكشاف هذا العالم الغريب ويواجه العديد من التحديات.

ظل أياما يتجول في هذه المدينة ويعود لينام في مركبته، شعر بالحنين إلى كوكبه الأصلي، وتألم من عدم تأقلمه مع الحياة على الأرض، وصعوبة فهم عادات وثقافة سكان الكوكب في هذا المكان، وهو يتساءل إن كان يمكنه العثور على وطن جديد هنا.

وفي لحظة من الضياع والوحدة، يلتقي بماجد، صبي في الثانية عشرة طيب القلب ومتفائل. بسرعة توصلا إلى لغة مشتركة للتفاهم، أصبحا فيما بعد صديقين مقربين. حين قص زيلوب لماجد عن مكان هبوطه، أخبره ماجد أن هذا الجبل هو جبل شمسان، وهذه مدينة عدن التي يتجولان فيها، يقوم ماجد بإظهار جمال الأرض زيلوب، ويعلمه كيفية التفاعل مع البشر والطبيعة.

ومن خلال هذه الصداقة، يبدأ زيلوب في فهم أن الوطن ليس مكانا فقط بل هو الشعور بالانتماء والمحبة.

وبمساعدة ماجد، يبدأ زيلوب في التأقلم تدريجياً مع حياة الأرض، ويكتشف جمالها وتنوعها. ينطلقون معا في رحلات استكشافية مثيرة، تجولا في شوارع عدن وشواطئ صيرة، وزارا قلعة صيرة التاريخية، وصهاريج عدن التي بناها الأجداد بهندسة بديعة. يتعلم زيلوب الكثير عن الحضارة البشرية وثقافتها المتنوعة، ويكون ماجد مرشده في هذا العالم الجديد، ويقدم له فهما دافئا ومفيدا عن الحياة على الأرض.

لكن، لا تزال هناك تحديات كثيرة، يصطدم بمشاكل وعقبات لا تحل بسهولة. يدرك زيلوب أنه لا يزال هناك الكثير ليفهمه عن هذا العالم والبشر.

قرر زيلوب العودة إلى كوكبه لأن حياة الأرض لا تناسب فضائيا له عاداته وحياته الخاصة، ولكن كيف ومركبته بها عطل ولا يستطيع تحديد الوجهة، لكن ماجد لم يتركه وحده يعاني من المشكلة :

“لا تخف يا صديقي، رغم أني سأشتاق إليك لكنني سأساعدك للعودة إلى وطنك.”

وأحضر ماجد مهندسا يعرفه ويثق فيه لإخفاء سر زيلوب عن الجميع، وصعدوا الجبل إلى مكان وجود المركبة، وبدأ المهندس بمحاولة إصلاحها وتفاجأ الجميع بنجاح ذلك، وبدأ زيلوب يتلقى الإشارات وتحديد المواقع في مركبته، وفرح كثيرا بعودة الأمل.

بعدما نجح زيلوب وماجد في إصلاح جهاز تحديد المواقع في المركبة، بقيت معضلة أخرى، وهي كيف سيتواصلان معا بعد رحيل زيلوب؟ وبعد تبادل الأفكار والبحث، توصلا إلى فكرة رائعة، وهي ربط هاتف ماجد الجوال بكوكب زيلوب، وبدأ زيلوب بعد ذلك بمحاولة برمجة هاتف ماجد، وكرر المحاولات حتى تمكن في النهاية من التقاط الإشارات بين الأرض وكوكب زيلوب.

حانت الآن لحظة الفراق، عندها ودع ماجد زيلوب وشاهد سفينته تنطلق في السماء، أرسل كلً منهما إشارة التقدير والصداقة، مؤكدين أن الأواصر التي جمعتهما لن تُفرقهما، بل ستبقى قوية دائمًا.

ومنذ ذلك الحين، استمرا في إرسال رسائل وإشارات بينهما، مما جعلهما يبقيان على تواصل دائم وصداقة تمتد إلى أبعد الحدود الفضائية.

“سأزورك يوما ما يا صديقي” (كوكب زيلوب)

“سأكون في انتظارك دائما يا صديقي” (كوكب الأرض).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى