العاملات في المنظمات الدولية بلحج.. استمرار رغم التحديات

سمانيوز/شقائق / تقرير /أنسام عبدالله
مثلها مثل العديد من المحافظات المحررة، تستفيد محافظة لحج من تدخلات المنظمات الدولية العاملة في القطاعات الاجتماعية والخدمية المختلفة، وذلك بعد حرب العام 2015 على وجه الخصوص، إذ اتجهت النساء للعمل في هذه المنظمات بشكل ملحوظ، وذلك لعدة أسباب، أهمها توقف الوظيفة العامة وعدم تأديتها للدور المنوط بها، خصوصاً بعد ارتفاع قيمة سعر الصرف وتوقف الرواتب الحكومية عند حدود معينة، لذا اتجهت النساء إلى القطاع الخاص والمنظمات الدولية.
استقطاب سببه الجدية:
أتاحت المنظمات الدولية العاملة في لحج، والتي يبلغ عددها 63 منظمة، فرصة كبيرة للنساء للعمل فيها لإثبات قدرتهن على الاستمرار وإثبات مصداقيتهن، إذ أن النساء أكثر كفاءة فيما يتعلق بالالتزام بالعمل المبني على الشروط الوظيفية الدقيقة، سواء فيما يتعلق بالمؤهلات أو الخبرات أو القدرة على الإنجاز تحت ضغط العمل، لاسيما فيما يتعلق بالعمل الإغاثي أو الخدماتي في مجالي الصحة والتعليم، وكل ما يتعلق بدائرة المرأة والطفل، لذا نلاحظ ثقة المنظمات العاملة في هذه القطاعات بالمرأة، حيث أسهمت وبشكل كبير في تنفيذ عدد كبير من البرامج والمشاريع، واقتصر دور الرجل على الإدارة المركزية فقط.
المرتبات حافز مهم:
ألقت الحرب بظلالها على كافة مناحي الحياة في لحج، وكان لابد للمرأة اللحجية العاملة أن تبحث عن مصادر دخل جيدة تلبي احتياجات أسرتها، وقد وجدت في العمل المنظماتي ضالتها، إذ تقدم المنظمات الدولية العاملة في لحج رواتب مجزية مقارنةً بما تقدمه الوظائف الحكومية، فضلاً عن إيجابيات أخرى تتمثل في انتظام العمل على شكل عقود ضمن العام أو العامين، بما يسمح للمرأة تجديد العقد، أو الانتقال إلى مجال عمل آخر قد يكون أكثر ربحاً، كما أن عمل المرأة بعقود محددة تحكمها شروط جزائية وقوانين تخضع للإجراءات العامة التي تكفل حقوقها، قد شكل دافعاً إضافياً للعمل مع المنظمات وبشكل واسع.
الريف الأكثر حاجة:
يتركز عمل المنظمات الدولية العاملة في لحج على مديرياتها الريفية، والتي هي بحاجة كبيرة إلى الكثير من المشاريع والبرامج التي يتم تنفيذها، وذلك بسبب تدهور البنية التحتية بعد الحرب وصعوبة وصول الخدمات لتغطية هذه المديريات، في ظل عدم قدرة الحكومة على إيصال خدماتها للجميع، بالإضافة إلى مخيمات النازحين الواقعة في أطراف مديرياتها. لذا تعمل المنظمات على تأهيل النساء العاملات من هذه المديريات بشكل مكثف في الآونة الأخيرة، حيث أن انتقال النساء العاملات بالمنظمات من مديرية إلى أخرى، خصوصاً الجبلية منها، يشكل عائقاً أمام عملها بشكل مثالي، نتيجة عوامل عدة سنشير إليها لاحقاً.
تحديات كبيرة:
تواجه النساء العاملات في المنظمات الدولية بلحج كثيراً من التحديات، التي أدت أحياناً إلى اضطرار النساء إلى ترك العمل مع هذه المنظمات، تحت ضغوطات عدة منها:
الأمن وصعوبة الوصول إلى المعلومات، خصوصاً في المناطق الريفية المستهدفة بتدخلات عمل المنظمات، كذلك العادات والتقاليد التي تحد من استقلالية المرأة وبالتالي عملها، وتهميش النساء في صنع القرار الذي ينهي التمييز على النوع الذي يُمارس ضدها، كذلك يظل عامل ضعف الإنترنت من أهم التحديات التي تواجه عموم العاملين مع المنظمات الدولية، بالإضافة إلى خطاب الكراهية الذي يغذيه الفكر المتطرف، والذي يسيء إلى عمل المنظمات الدولية، حيث ينظر إليه على أنه عمل مشبوه، نتيجة قلة الوعي وعدم تقبل التجديد الجيد لصالح المجتمع والحفاظ عليه من الانهيار الاقتصادي وبالتالي الاجتماعي، بالإضافة إلى قيود التنقل المفروضة على النساء العاملات بالمنظمات في لحج مجتمعياً، كما يتم أحياناً التمييز في الأجور لصالح الذكور، وذلك عن طريق شيء من الفساد هنا وهناك، حيث تنأى المرأة بنفسها عن الاختلاس أو السطو على المخصصات المطروحة.
حلول لتفادي المشكلات:
مما تقدم يمكننا القول بأنه آن الأوان للوقوف بجدية أمام تلك المعوقات المؤثرة على عمل المرأة العاملة في منظمات المجتمع المدني بلحج، حيث بات من المهم رصد الانتهاكات التي تتعرض لها النساء العاملات في المنظمات الدولية والإبلاغ عنها، ورصد التحديات كافة التي تواجه عمل الوكالات الدولية، ونشر الاستنتاجات التي تم التوصل إليها لغرض اتخاذ تنفيذ آليات المساءلة داخل المنظمات وخارجها، لضمان التعامل مع حوادث العنف القائم على النساء العاملات بالمنظمات الدولية بشكل صحيح، والتعامل معه لصالح النساء وعملهن بما يخدم مصلحة المجتمع ووصول المساعدات إليه بشكل صحيح.
كما يجب توجيه الخطاب العام للوقوف بجانب النساء العاملات بالمنظمات، وتوعية المجتمع بنبذ العنف المجتمعي الموجه ضدهن، بتوضيح حقيقة عمل المنظمات الدولية، واستفادتها من جهود النساء المخلصة لصالح مديرياتهن وقراهن.