مقالات

مضيق باب المندب .. عنوان السيادة الجنوبية

كتب : بسام أحمد عبدالله

تأتي أهمية مضيق باب المندب باعتباره أحد المنافذ البحرية الهامة التي تمر فيه سفن العالم العملاقة المحملة بالبضائع التجارية والنفط الخام إلى العالم ، ولكونه أيضاً يربط البحر الأحمر بالبحر العربي “خليج عدن” المحيط الهندي ويمثل مع قناة السويس المصرية التي تقع في شمال البحر الأحمر شريانا حيويا يربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط ، وتمر عبر مضيق باب المندب أكثر من 20% من تجارة العالم بما فيها النفط الخام من دول الخليج العربي ، وقد أصبح البحر الأحمر والبحر العربي في الآونة الأخيرة يعج بالسفن والبوارج الحريية الأجنبية بحجة حماية المضيق من القراصنة أو من محاولة إيران السيطرة على المضيق عبر أذرعها في المنطقة كجماعة الحوثي.

الواقع أن اهتمام الدول الكبرى بمضيق باب المندب يأتي في إطار الصراع الدولي للسيطرة على طرق التجارة العالمية البحرية الحيوية ، خصوصاً بعد أن أصبح المضيق جزء من ما عرف بطريق الحرير الصيني ، فالبحر العربي وخليج عدن الذي يطل على عدن هو أحد خطوط الملاحة الدولية لطريق الحزام والطريق ، ونعتقد أنه تم استثناء ميناء عدن مؤقتا بسبب الحرب وسيعاود نشاطه عند انتهاء الحرب وموقعه في قلب الطريق ومن الصعب تجاوزه ، فالجنوب أصبح جزء من ذلك الطريق ، الذي يشمل الكثير من الموانئ والمضائق والدول المطلة على البحر الأحمر والبحر العربي ومنها الجنوب ، لذلك فإن الأهمية الاستراتيجية لباب المندب وموقعه الجيوسياسي والعسكري تجعله محط اهتمام الدول الكبرى ، وقد ينسحب ذلك الاهتمام حتماً على الجنوب الذي يشرف على هذا المضيق الاستراتيجي المهم.

وربما حرب غزة ليست ببعيد عن الصراع الدولي الدائر للسيطرة على طرق التجارة البحرية ، وأيضا ربما يكون هذا التواجد العسكري الأمريكي بهدف التأثير على قناة السويس والتلويح لمصر بتعطيل مصالحها الاقتصادية في البحر الأحمر وقناة السويس ، نظرا لارتباط باب المندب بقناة السويس.

نعتقد أن مصر لن تسمح بالإضرار بمصالحها أو العبث بأمن البحر الأحمر والتأثير على قناة السويس تحت أي مبررات وسواء من إيران أو من أذرعها في المنطقة كجماعة الحوثي.

وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً من خلال تواجدها البحري المكثف في البحر العربي والبحر الأحمر إلى إحكام سيطرتها على أهم منفذ بحري يربط آسيا بافريقيا هو باب المندب ، بهدف التحكم بالبوابة الجنوبية للبحر الأحمر لوقف التمدد الاقتصادي الصيني بالمنطقة ، والذي يعتقد أنه يخفي خلفه نوايا عسكرية صينية في المنطقة ، وكذا التصدي لطموحات دول البريكس روسيا والصين والهند للتمدد صوب قارتي آسيا وافريقيا.

وبما أن باب المندب جزء من السيادة الإقليمية للجنوب باعتباره يقع ضمن الحدود البحرية الإقليمية للجنوب بالتالي على المجلس الانتقالي الجنوبي أن يكون حاضراً في أي ترتيبات دولية قادمة بشأن المنطقة في تأمين وحماية الملاحة الدولية في البحر العربي ومضيق باب المندب باعتبار باب المندب جزءا من السيادة الجنوبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى