مقالات

القرن الأفريقي على نار ساخنة

كتب:
علي عبدالله البجيري

أصبح القرن الأفريقي اليوم محل اهتمام إن لم يكن محل اطماع للدول الكبرى في العالم. فالقرن الأفريقي وما يشكل موقعه الاستراتيجي من أهمية دولية أضحى محل أطماع للدول الاستعمارية التي ترى ضرورة تواجد قواعدها العسكرية على أراضي الدول المطلة على بحاره وضرورة انتشار سفنها العسكرية في بحاره. هكذا تتسابق اليوم الدول الكبرى على المنطقة لضمان حصولها على موضع قدم لقواتها ونفوذها في المنطقة. وقد كانت دولة جيبوتي سباقة في الموافقة على تأجير أجزاء من اراضيها لبناء قواعد عسكرية لكل من فرنسا وأمريكا وايطاليا واسبانيا والصين واليابان. اكانت تلك الموافقة طمعا في تقوية اقتصادها أو مفروضة عليها لضمان سيادتها من أية أطماع للدول المجاورة لها.

هذا النهج شجع دول أخرى منها جمهورية الصومال على الأخذ به لتحقيق مصالح خاصة تضمن لها حمايتها من أية أطماع أكانت داخلية متمثلة بالمليشيات المسلحة لما يسمى بحركة الشباب أو غيرها من القوى الحزبية والقبلية المعارضة، أو خارجية متمثلة بالأطماع الأثيوبية والكينية الحاشدة قواتها على حدودها. فالصومال فتحت أذرعها مؤخراً للولايات المتحدة الأمريكيّة بعقد صفقة إنشاء خمسة معسكرات في كل من مقديشو، بيدوا، جوهر ، دو سماريب، كيسمايو.. هذا النمط من التواجد العسكري الأجنبي في دول القرن الافريقي فتح شهية بلدان اخرى ذات وزن عسكري متعاظم، منه إن أقدمت روسيا الاتحادية على إجراء مباحثات مع الحكومة السودانية لبناء قاعدة عسكرية بحرية على أراضيها، بينما إسرائيل هي الأخرى عملت على تعزيز قاعدتها العسكرية في جزيرة دهلك الاريترية. كما أن عددا من الدول منها الولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا وروسيا وإيران تتنافس حاليا للحصول على حق التواجد العسكري على الأراضي اليمنية، أكان عن طريق حكومة الشرعية اليمنية أو عن طريق سلطة أنصار الله في صنعاء .

الولايات المتحدة وبريطانيا تطمحان في تواجد عسكري في كل من جزيرة سقطرى ومحافظة المهرة، بينما جمهورية إيران الإسلامية ودول أخرى إقليمية تعمل على ضمان نفوذهما عبر المليشيات اليمنية على مضيق باب المندب والجزر اليمنية الأخرى. كل هذا التزاحم والتدافع واللهث للحصول على موطئ قدم في منطقتنا يدل على أن قوى الهيمنة العسكرية الدولية ترى في المنطقة منطقة تنافس على من يسبق في السيطرة عليها لما لها من اهمية دولية في إحداث توازن عسكري فيما لا قدر الله اندلعت حروب عسكرية عالمية ضف إلى ما تشكله من تحكم في المسارات الاقتصادية والتجارية والعسكرية في المستقبل المنظور علاوة على ما تشكله من تحكم جغرافي يتوسط قارات العالم.

خلاصة القول .. عسكرة البحر الأحمر والبحر العربي مهما كانت مبرراته وتداعياته إلا أنه يشكل ليس خطر على الأمن والسلم الدوليين فحسب ، بل أن أول ضحاياه هي تلك الدول التي ارتضت بأن تحول أراضيها إلى قواعد عسكرية، علاوة على ما يعيشه المواطن المدني من خوف وتوجس بشعوره بأن بلاده أصبحت مباحة وساحة مفتوحة لتصفية حسابات وصراعات الدول الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى